كيف أصبحت شيوعياً

ضيف هذا العدد الرفيق فؤاد وهبة دويعر

رفيقنا المحترم أبا إياد مرحبا بك.. هلا حدثتنا كيف أصبحت شيوعيا؟.

أنا من أسرة فلاحية فقيرة، ولدت عام 1937 في مدينة السويداء، وفيها تعلمت (الابتدائي والإعدادي) ونلت الشهادة الثانوية عام 1961، ودرست الموسيقا لمدة ستة أعوام، ثم سافرت إلى الاتحاد السوفياتي ودرست في موسكو (علوم اقتصادية –تخطيط)، وعدت إلى الوطن عام1971. وفي عام 1978 عملت في هيئة تخطيط الدولة، وبقيت في العمل حتى عام 2000حيث تقاعدت.

خلال دراستي في المرحلة الإعدادية وتحديداً في الصف الثامن، تعرفت على طالب من الصف الحادي عشر هو الرفيق سلمان أبو حجيلة، وكان متفوقاً جداً بمادة الرياضيات، (وهو اليوم واحد من أشهر علماء الذرة في الولايات المتحدة الأمريكية)، دعاني أنا وفواز دويعر إلى بيته وأعطانا كتاب (الأم) لمكسيم غوركي، وقال سأراكم بعد أسبوع لنتناقش حوله، والتقينا وبقينا على صلة معه لفترة، ثم صارت صلتي مع الرفيق شبلي حمد عزام، وكان حينها مسؤول المنطقية. وفي عام1957 انتظمت بفرقة في صفوف الحزب الشيوعي السوري، وفي العام ذاته شاركت مع سبعة رفاق من السويداء في مهرجان الشباب العالمي في موسكو، وبعد عودتنا زارنا معظم أهل السويداء للاستفسار عن واقع الاتحاد السوفياتي وأحوال العمال والفلاحين هناك، فقد كان الناس في بلادنا متعطشين لمعرفة كل شيء عن تلك الدولة الصديقة التي دعمت كفاح الشعوب العربية في سبيل الاستقلال وضد الأحلاف الاستعمارية ومن أجل التقدم الاجتماعي.

ومن ذكريات تلك الفترة المسيرة الرائعة التي قادها الحزب الشيوعي بمناسبة عيد الجلاء، عيد أعيادنا الوطنية في السابع عشر من نيسان، يومها توزعنا العمل لتحضيرها، فكانت بالفعل من أكبر المسيرات التي شهدتها السويداء، وكان ذلك سبباً لتحسس مسؤول كبير في المحافظة واسمه ش-ع كونها مسيرة للشيوعيين وأصدقائهم، فحرض الشرطة العسكرية والأمن لتفريق المتظاهرين بالقوة، وفي أواخر عهد الوحدة اعتقلت في دمشق مع مجموعة من الأصدقاء بتهم جمع تبرعات لعائلات الرفاق المسجونين في سجن المزة العسكري، وبقينا في السجن مدة ثلاثة أشهر إلى أن حدث الانفصال، وخرجنا لنجد منظمة الحزب في السويداء- مثلها مثل جميع منظمات الحزب في كل المحافظات- قد تعرضت لضربة (أمنية) قاسية، فباشرنا العمل من جديد لإعادة إحياء المنظمة، ونجحنا في تشكيل الفرق لتقف المنظمة على قدميها ولتسير إلى الأمام. وكان في عدادها أكثر من م ئة رفيق من النشطاء.

ومن ذكرياتي التي أحفظها بكل اعتزاز نشاطي في مجال الموسيقى، وبخاصة التجربة الغنية لي في نادي الفنون الذي انتسبت إليه، ولم يكن فيه أحد من الشيوعيين، فشكلت فرقة موسيقية ناجحة كان معروفة للجميع، نشطت بصورة رائعة وأصبح لها جمهورها الواسع، وعندما حضر فريق رياضي من الأردن ولعب مباراة مع فريق الفتيان الرياضي في السويداء، أقيمت له حفلة تكريم كبيرة شاركت فيها فرقتنا الموسيقية، وقدمت فيما قدمت نشيد (وطني) لفريد الأطرش. كان للرفيق نذير جزماتي مدرس مادة اللغة الانكليزية دوره الهام في نادي الفنون، فقد أخرج وقدم فيه عدداً من المسرحيات الملتزمة، وفي عام 1969جرى إغلاق النادي (لأنه ناد للشيوعيين).

وعندما حدث انقسام مجموعة الرفيق مراد يوسف، خرجت معهم، ثم عدت، وفي عام 1978 ساهمت بتشكيل منظمة في جرمانا بعيدة عن الانقسامات، وحين حدث انقسام الرفيق يوسف فيصل بقيت في الحزب مع الرفيق خالد بكداش، وكنت عضواً في المكتب الاقتصادي المركزي الذي كان يحضره الرفيق أبو عمار أحياناً، كما حضر الرفيق الراحل الدكتور عصام الزعيم اجتماعات المكتب أكثر من مرة.

تركت التنظيم بنهاية عام 1995، ومنذ ذلك الحين انصب نشاطي في مجال العمل على توحيد الشيوعيين، وحاولت جمع رفاق من (الجماعتين) للعمل معاً، ونجحت في ذلك، وأنشأنا لجنة سميناها (لجنة المبادرة لوحدة الشيوعيين)، كما شكلنا لجاناً مشتركة قبل أن يعلن ميثاق الشرف للشيوعيين السوريين ويجري التوقيع عليه. وقد بحثنا عن رفاق خارج محافظة السويداء للاطلاع على آرائهم وتجاربهم للتنسيق معهم، فالتقينا بالرفاق في ميثاق الشرف ثم حضرنا معهم الاجتماع الوطني الأول لوحدة الشيوعيين السوريين، وقد كلفت من الاجتماع وصرت عضواً بأول لجنة لوحدة الشيوعيين (لجنة المتابعة) وفي اجتماعها الأول قلت: أنا من خارج التنظيم، والآن إنني مقتنع بالخط السياسي الذي أعلنته اللجنة الوطنية، وأنا من العاملين معكم، ومن المدافعين عن اللجنة الوطنية، وبرأيي وقناعتي أن أهم صفة للإنسان وأشرفها كونه شيوعياً.

واليوم عبر صحيفة قاسيون أتوجه إلى جميع الشيوعيين للعمل والنضال من أجل الوحدة تلك الوحدة التي تشكل الدعامة الأهم للوحدة الوطنية التي لا قوة ولا فاعلية لها، إن لم يكن الشيوعيون موحدين. والآن صار واضحاً للوطنيين أن الشعار الذي رفعته اللجنة الوطنية حول تلازم النضال الوطني السياسي مع النضال الاقتصادي والاجتماعي والديمقراطي، والذي تثبت الحياة اليوم صحته، وأصبح ترمومتر وبارومتر الفرز الجديد، هو الربط بين معاداة أمريكا وإسرائيل وبين الإحساس بآلام الناس والنضال في سبيل حياة حرة كريمة عزيزة لهم. وهذا هو ميدان نضالنا الذي يهيب بالجميع أن: تقدموا.

■ إعداد محمد علي طه