يدٌ واحدةٌ لا تصفِّق!
تصاعدت وتيرة الاعتداءات على المواطن السوري لتطال زوايا عيشه اليومي كافة، وما من نصير قوي يحمي ظهره المكشوف لأعدائه الطبقيين، فمن أجور التنقل، إلى أجور السكن، مروراً بغلاء جميع السلع الضرورية لمسيرته الحياتية ومنها الماء والكهرباء وسندويشة الفلافل... الخ!! وليس انتهاءً بترسيخ قواعد «العرف الارتشائي» المواصلاتي على أكتاف قانون السير الجديد الذي رفع سعر الرشاوى المتعارف عليها أضعافاً مضاعفة، في حين كان المطلوب منه (قانون السير) إيجاد آلية تمنع الأذى عن الناس وتضعهم جميعاً تحت سقف القانون!!
لعل أشد الأمور وقاحة كانت تثمين أجرة المقعد في الميكروباصات بـ «9 ل.س».. فما المقصود بهذه الليرات التسع؟! هل هو أسلوب جديد لتدجين المواطن بغية تعويده السكوت عن حقوقه الصغيرة ريثما تنتهك حقوقه كاملة، أم تمهيد أولي يساعد في عملية سحب البساط «المتشقق» من تحت أقدام الناس وإعطائه إلى أصحاب الطغم المالية المتكاثرين بالانشطار في بلدنا؟! أم تراه طريقة أخرى جديدة أفرزتها عقول جهابذة المخاتلة في مؤسساتنا «أو مؤسساتهم» الغارقة في الفساد بغية شغل الناس بالتشاجر بعضهم مع بعض، وإبعادهم عن إدراك أن الواقفين خلف خسائرهم (التي تبدأ بليرة ولا تنتهي بنهب القطاع العام وتحويل خرائبه إلى مناجم عملات يسيطر عليها هادمو الأوطان) هم ثلَّة من الكذابين الأفاكين وليس سائق الميكرو أو بائع الدخان على الرصيف؟!
بغياب العمل الجماعي الوطني الثوري، ساهمت السنوات الأخيرة بتكريس نوع من الذاتية والفردية تحت عناوين كثيرة منها اختلاف الرأي والنزعة الفردية والرغبة الفردية واليد الواحدة تستطيع التصفيق.. الخ، الأمر المرعب على المستويات كافة، لأن الهدف الأول والأخير من تكريس هذه النزعة الفردية هو الاستفراد بكل مواطن على حدة، بحيث ينسى الفرد شراكته مع غيره في تلقي الضربات الموجعة، وبأن الشقاء ليس نزعة أو رغبة فردية، وليس وجهة نظر قد يختلف حولها اثنان.. لقد بات لزاماً على الجميع إعادة التفكير بشركائهم الحقيقيين كما بات لزاماً عليهم معرفة حقوقهم وواجباتهم على طريق هذه الحقوق، فالهمّ جماعي كما هو النقل جماعي وكما التزود بالكهرباء والماء والمشي في الشوارع كلها أمور جماعية، وما من داع للتذكير بحكمة الأوتاد وصعوبة كسرها مجتمعة، أو بالمقولة الاستعمارية الرائجة منذ دهور: «فرق تسد»!
خلاصة القول: إن وحدة الشيوعيين هي وحدة للدفاع عن الناس وهي وحدة النضال والمصير، وبها سيتحقق الصعب، وسيدرك الناس أنهم ليسوا وحدهم وأنهم لم يعودوا مطالبين بالصمت إزاء ما يعانونه من شدة وفاقات، وسيعلمون بأنهم على موعد مع حقوقهم التي لا ينازعهم عليها سوى صمتهم وجهل الآخرين بقدراتهم.. أم أن على الناس انتظار الموت «فرادى» وفارغي الأيدي على مفارق الطرقات وكوات المخابز...؟!