عبد العزيز حسين ـ أبو زويا عبد العزيز حسين ـ أبو زويا

على هامش الموضوعات البرنامجية.. وحدة جميع الشيوعيين السوريين هي الأهم..

ستعقد الفصائل الثلاثة من الشيوعيين السوريين خلال ما تبقى من هذا العام مؤتمراتها واجتماعاتها المركزية، ولا شك أن هذه المؤتمرات سوف تعمل على تقييم المرحلة بين مؤتمرين، وسيقوم بعضها كما جرت العادة، بتقديم انتقاد ذاتي لبعض المواقف التي أثبتت التطورات عدم صحتها، وسيُعلن العزم على تعزيز الإيجابيات كالديمقراطية الداخلية، وتفعيل دور الهيئات، وتقديم الشباب في الهيئات الحزبية بشكل موضوعي بعيداً عن الولاءات الشخصية، وتطوير الفكر، وتحديث أساليب العمل، والاهتمام أكثر فأكثر بقضايا الجماهير الاقتصادية، والمعاشية، وحماية المكتسبات التي تحققت، والبحث في قضايا الأقليات والقوميات ضمن الوحدة الوطنية.. إلخ...

ولكن مع ازدحام كل هذه الشعارات والخطط والتوجهات أتمنى صادقاً ألا يبقى الهم الحقيقي للبعض في هذه المناسبات الحزبية تصفية بعض الكوادر، كما كان يحدث غالباً باسم التجديد والتحديث، وتجنب توجيه الاتهامات الجاهزة للرفاق في الفصيل ذاته أو في فصائل أخرى..

تؤكد تعاليم الماركسية اللينينية أن وحدة الشيوعيين في التنظيم هو أحد الشروط الأساسية لكي تحقق الطبقة العاملة وكل القوى الكادحة أهدافها الوطنية والاجتماعية - الاقتصادية والسياسية، لذلك يجب أن يكون الشيوعيون في كل بلد موحدي الإرادة والعمل في حزب واحد.. وإذا كان هناك تباين أو اختلاف حول بعض القضايا الفكرية يمكن حله بالحوار الرفاقي داخل الهيئات والمؤتمرات الحزبية، وليس بالمهاترات والاتهامات أو بالانقسامات، وألا يكون الشغل الشاغل تحقيق الانتصارات الشخصية أو التكتلية على حساب البرامج والأهداف الأساسية، وتناسي المهام الوطنية والطبقية.

إن هذا الواقع المؤلم والمؤسف بين الشيوعيين السوريين يخلق شئنا أم أبينا، حالة من الفراغ الفكري والتنظيمي بين أوساط الجماهير الشعبية والمثقفين التقدميين الذين يدفعون ضريبة تدهور الأوضاع المعاشية، كما أن هذا الوضع يخلق تربة خصبة لنمو أكثر المفاهيم المعادية للتقدم والتحرر كالنزعات ما قبل الوطنية، والتطرف والسلفية والعدمية، والعزوف عن الحياة السياسية والحزبية بشكل عام، إضافة إلى تفشّي حالات الإحباط واليأس بين صفوف الكثير من الرفاق والأصدقاء.

إن هناك خطراً جدياً ينتصب أمامنا جميعاً اليوم، وهو أن تتحول قضية وحدة الشيوعيين إلى ما يشبه موقف بعض الأنظمة العربية من قضية الوحدة العربية وتحرير فلسطين، بحيث تمسي وحدة الشيوعيين أيضاًَ حلماً صعب التحقيق أو بعيد المنال، ولعل أكثر ما يزيد احتمال ذلك أن يكون الكلام في واد والعمل في واد آخر.

إن وحدة الشيوعيين السوريين أصبحت مطلباً لكل القوى الوطنية والتقدمية الصادقة ولجميع الشيوعيين الصادقين، ولكل الكادحين.. وتحول عدم تحقيق هذه الوحدة إلى موقف نقدي يواجه به جميع الشيوعيين وخاصة القيادات، التي تقف عاجزة عن تقديم تفسير واضح للقواعد الحزبية وللجماهير عن الأسباب والمبررات الحقيقية لاستمرار حالة التشتت والانقسام القائمة، فيتم اللجوء إلى تفسيرات تبريرية الهدف منها هو المناورة، أو إسكات أو تحذير بعض القواعد، ومن ثم تحسين أوضاع بعضهم داخل المؤتمرات.

لا شك أن هناك بعض الصعوبات والتناقضات بين الفصائل الشيوعية فرضتها ظروف كثيرة، ذاتية وموضوعية، ولكن هذه الصعوبات من المفروض ألا تبقى مصدراً للتمزق والانقسامات، بل محفزة للوحدة فيما بينها لتلافي الضعف والتشرذم، خاصة وأن هناك ضرورة ملحة لمواجهة التآمر الخارجي والداخلي وشراسة وهمجية بعض القوى التي تريد النيل من تاريخ وتأثير ومكانة ودور الشيوعيين السوريين.

إن تحقيق الوحدة لا يتم فقط من خلال بعض الرسائل أو بعض اللقاءات مع أهمية ذلك، إنما يتطلب أعمالاً ملموسة ومطلبية من القاعدة إلى القمة، وقد قدمت اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين اقتراحاً موضوعياً للرفاق في الحزب الشيوعي السوري «النور»، وهو أن تجتمع القيادتان لبحث قضية الوحدة ونتائج اجتماعات اللجان المشتركة المنبثقة عن لجنة الحوار، ليكون الرفاق على بينة تامة حول ما جرى حتى الآن، والجميع يتحمل المسؤولية، وإذا جرى التجاوب مع هذا الاقتراح فإن هذا يمكن أن يعد خطوة جدية في السعي نحو الوحدة بين الفصيلين، وهو ما أتمنى أن يتحقق بأقرب وقت ممكن.

أناشدكم أيها الرفاق باسم الدماء الزكية التي قدّمها الشيوعيون السوريون في تاريخهم النضالي المشرّف، وباسم التضحيات الجسام التي لم يبخل بها الآلاف من الكادرات الشيوعية في السجون والمعتقلات والمنافي رغم تعرضهم لكل أشكال القمع من تعذيب وملاحقة وفقر وتضييق وتشرد.. إنكم أمل الكادحين والمستضعفين..

أدعوكم أيها الرفاق أن تكون النقطة الأساسية في مؤتمراتكم هي وحدة الشيوعيين السوريين.. واتخاذ قرار بعقد مؤتمر موحد لكل الشيوعيين السوريين على أساس الماركسية ـ اللينينية واستعادة الدور الوظيفي، الوطني والطبقي، بعيداً عن الانغماس بالقضايا الأقل أهمية والمكاسب الشخصية والحسابات الضيقة.

آخر تعديل على الأربعاء, 27 تموز/يوليو 2016 22:27