الموضوعات البرنامجية.. الانطلاق من الضرورات
طرحت اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين مشروع المهام البرنامجية للحوار الوطني انطلاقاً من فكرة أساسية صائبة تقول: إن حجم المهام الوطنية والطبقية كبير لدرجة يصبح معها حل أية مهمة من تلك المهام أمراً شاقاً بجهود فصيل وطني وحده.
واستطاعت اللجنة الوطنية أن تقدم في هذا المشروع النظري مستوى معرفياً متقدماً عما يُطرح على الساحة السياسية السورية، وهذا ليس غريباً على الشيوعيين السوريين، فهم كانوا وما يزالون محط تطلعات مخلصي وشرفاء هذا الوطن على امتداد ساحاته، ودائماً كان استقراء الواقع والطموح لغدٍ أفضل من سماتهم هم.
ولأن الإحاطة بكل ما ورد في الموضوعات في مداخلة واحدة هو أمر عسير، لذلك سأكتفي بقراءة سريعة لما جاء حول المرجعية الفكرية، ومحاولة مقارنة الثابت والمتغير في الماركسية اللينينية.
جاء في مشروع الموضوعات ما يلي:
يسعى الشيوعيون السوريون لإعادة بناء منزلهم الشيوعي القادر على لعب الدور الوظيفي التاريخي، هذا الدور الذي تراجع وضعف خلال العقود الأخيرة.
مهمة استعادة الدور الوظيفي ـ التاريخي لا بد أن تستند إلى المرجعيات الفكرية الماركسية ـ اللينينية التي تتطور ويتصلب عودها في النضال ضد الميلين اللذين يعيقان تطورها، وهما العدمية والنصوصية.
لذلك تبقى مهمة اكتشاف الثابت والمتغير في النظرية مهمة دائمة يفرضها تطور الحياة المستمر بكل تعقيداتها وجوانبها الجديدة.
وجواباً على ذلك نعود إلى البيان الشيوعي:
طرح البيان الشيوعي موضوعة في علم الاستشراف والتنبؤ تظهر أهميتها اليوم، إذ قال أنجلس في مقدمة الطبعة الجديدة للبيان عام 1893: «إن البروليتاريا لا تستطيع أن تتحرر أبداً من نير الطبقة التي تستثمرها وترهقها وهي البرجوازية، دون أن تحرر في الوقت نفسه، وإلى الأبد، المجتمع بأسره من الاستعمار والاستغلال.. هذه الفكرة كما يقول أنجلس تعود إلى ماركس وحده.. هذه الموضوعة تكتسب اليوم أهمية نظرية وعملية كبيرة، وخاصة في ظل الوضع الذي انتقلت فيه الرأسمالية إلى حالةٍ تتناقض فيها مصالحها تناقضاً جذرياً مع مصالح البشر والأرض، وهذا ما يوسع موضوعياًً حلفاء الطبقة العاملة ليشمل كل الذين لهم مصلحة في بقاء واستمرار الحياة على الأرض. لقد كان الخيار الذي وضعه كل من ماركس وأنجلس صحيحاً.. إما الاشتراكية، وإما الرأسمالية البربرية، وقد تعمق هذا الاتجاه ليصبح: إما الاشتراكية، وإما القضاء على الحضارة البشرية، أي أن الطبقة العاملة لنفسها، إنما تعمل موضوعياً للحفاظ على الحضارة البشرية عامة.
ما قياس الموقف الطبقي؟
لقد قال لينين حرفياً: «إن الشيوعيين لا يتميزون عن بقية أحزاب العمال إلا في نقطتين:
في مختلف النضالات الوطنية التي يقوم بها البروليتاريون، (أي التي يقومون بها على النطاق الوطني)، يضع الشيوعيون في المقدمة، ويبرزون المصالح المستقلة عن الجنسية والعامة الشاملة لمجموع البروليتاريا.
في مختلف مراحل النضال بين البروليتاربين والبرجوازيين يمثل الشيوعيون دائماً في كل مكان، المصالح العامة للحركة بكاملها.
إذاً، أساس الموقف الطبقي للشيوعيين يستند إلى المصالح الشاملة للطبقة العاملة، أي المصالح البعيدة المدى التي تضع هدفاً ملموساً هو الاشتراكية، ويستند هذا الموقف الطبقي إلى تمثيل مصالح مجموع الطبقة العاملة، وليس فصيلاً من فصائله فقط. هذا هو المقياس العام للموقف الطبقي الذي صاغه البيان الشيوعي، ولكن هذا المقياس يتخبط البعض في تحديده أحياناً، لأنهم ينسون أنه ليس المهم تحليل الرأسمالية كظاهرة فقط، وإنما المهم أيضاً العمل على تحطيمها. هذا هو أحد الثوابت العامة في الماركسية اللينينية.
إن أهم الاستنتاجات من كل ذلك، والتي أصبحت مهاماً للشيوعيين السوريين، العمل على تنفيذ المهام الكبرى المطلوبة، الوطنية والاجتماعية –الاقتصادية والسياسية، وفي هذا السياق يجب أن ننطلق من المطلوب وليس من الموجود.
وهنا نستذكر قول الثوري العظيم «تشي غيفارا»: «لنكون واقعيين يجب أن نطلب المستحيل».
إن الفرق بين الثوري والإصلاحي يكمن بالذات في أن الإصلاحي ينطلق من الممكن الموجود، بينما الثوري ينطلق من الضروري غير الموجود، لذلك يظل الإصلاحي يحبو في المكان ولا يغير في الأمر شيئاً، بينما الثوري البلشفي يتقدم دائماً إلى الأمام.