«متغيرات ثقيلة» والحلّ على الأبواب!

«متغيرات ثقيلة» والحلّ على الأبواب!

شهد الأسبوعان الماضيان جملة متغيرات من العيار الثقيل، تدلّ بمجموعها على استمرار خط السير العام نفسه نحو ترجمة الأوزان العالمية الجديدة على الصعد المختلفة، الخط المشتق أساساً من الأزمة الرأسمالية العالمية وتعمقها المتصاعد. 

 

هذه المتغيرات «ثقيلة العيار» لا تدل على ثبات خط السير فحسب، بل وعلى الارتفاع المستمر في وتائر تقدمه. ويمكن تعداد الأمور التالية، من ضمن أهم هذه المتغيرات:

أولاً: انضمام كل من الهند وباكستان إلى منظمة شنغهاي للتعاون، وترشيح إيران للانضمام إليها أيضاً. ما يعني أن عضوية هذه المنظمة تضم بلداناً تحوي 3 مليارات إنسان، بناتج إجمالي يفوق 20 ترليون دولار سنوياً.

ثانياً: على المقلب الآخر، جاءت نتائج استفتاء بريطانيا والتي تمهد الطريق لخروجها من الاتحاد الأوروبي، لتعكس بداية تفكك أحد أهم وأكبر التكتلات الاقتصادية الغربية التي مثلت بسياساتها العامة المختلفة إحدى نقاط الاستناد الأساسية لعالم الأحادية القطبية الأمريكية.

ثالثاً: اعتذار أردوغان لروسيا عن إسقاط مقاتلتها، واستعداد موسكو لتطبيع العلاقات، والبدء بذلك ضمن وتيرة سريعة للغاية، وصولاً إلى احتمال لقاء قريب بين رئيسي الدولتين قبل اجتماع  مجموعة العشرين، توازياً مع الدهشة التي أبدتها واشنطن التي قالت أنّ لا علم مسبقاً لديها بخطوة أردوغان هذه. هذان الأمران (سرعة عملية تطبيع العلاقات بعد التوتر الهائل الذي كان قائماً، وعدم معرفة/ رضى واشنطن عن هذا التطبيع) يعنيان أنّ تركيا بدأت عملية إعادة تموضع، تفتح الباب نحو استدارة لاحقة ستأخذ وقتاً غير قليل. 

ما لا ينبغي أن يُفهم من إعادة التموضع أنها انسحاب تركي كامل، هي خطوة أولى، لا أكثر، بعيداً عن السلوك التصعيدي الذي انتهجته تركيا، والذي خدم الفاشية الجديدة بشكل مباشر، واستثمر فيه المركز الغربي بشكل غير مباشر. مع ذلك فهي خطوة كبيرة ستليها خطوات. وإنّ محاولات العودة إلى «صفر مشاكل» عبر تطبيع العلاقات مع دول الجوار في البحر الأسود وفي البحر المتوسط. وعلى أهمية هذه المحاولات– من وجهة نظر المصالح التركية- إلّا أنها تبقى أقل وزناً وأهمية بالمعنى الدولي، من أهمية التقارب مع روسيا.

إلى ذلك، فإنّ التقارب التركي مع روسيا، يعني أنّ عملية تقليم أظافر الإقليميين المتدخلين في الأزمة السورية، قد بدأت بشكل ملموس وفعلي، وأنّ هذا التقارب من شأنه أن يفتح الباب على تداعي المحور الإقليمي التركي- السعودي- القطري، ما يعني مزيداً من التقليم للأدوار المعرقلة والمعطلة.

رابعاً: تحرير الفلوجة بشكل كامل من داعش، والذي ظهر معه عدم رضى واشنطن عنه بأشكال مختلفة، بالتوازي مع عرضها التنسيق العسكري مع روسيا على الأراضي السورية، والذي يعد بدوره تنازلاً مهماً واضطرارياً، حتى وإن كانت تبتغي منه عرقلة أو تخميد الاندفاع الروسي باتجاه القضاء على داعش والنصرة.

توازياً مع هذه المتغيرات، يجري التحضير للجولة الثالثة من جنيف3 التي من المرجح أن تعقد في هذا الشهر، والتي بات من الواضح، واستناداً إلى جملة المتغيرات السريعة السابقة، وإلى الخط العام الذي تسير وفقه، أنها ستكون الجولة الأخيرة التي ستحمل معها مفاتيح حلّ الأزمة السورية.      

آخر تعديل على الأحد, 03 تموز/يوليو 2016 18:39