نقطة علّام!

نقطة علّام!

مع تاريخ ظهور هذا العدد يكون الاتفاق الروسي- الأمريكي لوقف إطلاق النار في سورية قد دخل حيّز التنفيذ منذ الساعات الأولى ليوم السبت 27/2. وعلى أهمية التفاصيل التي تضمنّها الاتفاق، ولكّن ما هو أكثر أهمية هو التالي


أولاً: مناخ التفاؤل الذي ساد في أوساط عموم السوريين، ترقباً لانفراجة جدية لطالما انتظروها، بما يثبت حقيقية مشاعر السوريين خلافاً لما تروجه ماكينات الشحن السياسي الإعلامي المتبادل، رفضاً أو تسخيفاً للحل السياسي.
ثانياً: يعطي هذا الاتفاق ضمن الإطار العام إشارة واضحة لأطراف الأزمة السوريّة كلها بأنّ الحل السياسي لها قد بدأ فعلياً، وبشكل ملموس، وهو ما سيشكل نقطة علّام ومفصلاً أساسياً في عمر الأزمة السورية، إذ يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام نحو تنفيذ مختلف القرارات والاتفاقات الخاصة بحل الأزمة، ضمن وتيرة باتت متسارعة بشكل ملحوظ منذ الدخول العسكري الروسي الهادف إلى تسريع إطلاق الحل السياسي.
ثالثاً: يمثل هذا الاتفاق خطوة إضافية في عملية تشذيب وتقليم ولجم الأدوار الإقليمية الضارة التي طالما لعبت دوراً توتيرياً وتصعيدياً في الأزمة السورية.
رابعاً: من شأن هذا الاتفاق، ومن شأن تنفيذه، سحب مسألة «قوائم المنظمات الإرهابية» من يد الأطراف المختلفة التي حاولت استخدامها بغية عرقلة الحل السياسي وتعطيله. وبالمقابل، سيجري الذهاب نحو حلّ المسألة بشكل ملموس على أساس: من هو مع الحل السياسي؟ ومن هو ضده؟ وهو ما سيسرع في عملية الفرز بين من هو إرهابي ومن هو ليس كذلك، وهذا ما بدأت ملامحه الأولى بالظهور، حتى قبل الشروع بتنفيذ الاتفاق.
خامساً: من شأن الاتفاق أيضاً، أن يحدث فرزاً عميقاً داخل الأطراف السورية المختلفة، بين من يناصر الحل السياسي، قولاً وفعلاً، وبين من يناصره قولاً ويعاديه فعلاً، وبين من يعاديه قولاً وفعلاً. أي أنّ الذهاب نحو التطبيق العملي سيكشف الوجوه كلّها، وسيضعها قبالة الشعب السوري، الذي طالت مأساته، واتسعت كارثته إلى الحدود التي ما عاد ممكناً ولا مسموحاً التغاضي عنها.
سادساً: إنّ البدء بتنفيذ الاتفاق يعني ضمناً البدء بحل جزء من قضايا الملف الإنساني العالق. فبالإضافة إلى أن هذا الاتفاق يفترض به إيقاف عمليات قصف المدنيين بأشكالها ومصادرها المختلفة، فهنالك أيضاً شموله لمسألة إيصال المساعدات للمناطق المحاصرة أو التي يصعب الوصول إليها، وتحميل الأطراف المختلفة مسؤولياتها في ذلك، بما يعني بداية انفراج، ولو كان جزئياً، لأعداد كبيرة من السوريين الذين يذوقون يومياً القهر والموت، جوعاً ومرضاً وبرداً.
إن اتفاق «وقف العمليات العدائية» محكوم بالتنفيذ، على الرغم من مختلف أنواع المعيقات والعراقيل التي سيجري وضعها في وجه تنفيذه، ومن الواضح أنّه لن يسير إلى الأمام دفعة واحدة وبالسرعة التي يتمناها ويطلبها السوريون. لكن المؤكد أنّ الاتجاه العام للأمور هو باتجاه التنفيذ، بما يسهم في إنجاح جنيف3 بعد استئنافه قريباً، بما يعيد التأكيد على التلازم والتكامل والترابط بين مسألتي محاربة الإرهاب والحل السياسي، وقبلهما ومن خلالهما مسألة إنهاء الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري.  

آخر تعديل على السبت, 27 شباط/فبراير 2016 23:09