الثابت و المتغير في الماركسية و العلم
أكرم فرحة أكرم فرحة

الثابت و المتغير في الماركسية و العلم

 تكمن مهمة العلم في اكتشاف جوهر الظواهر، أي اكتشاف الواقع الموضوعي الذي هو الحقيقة، ولكي يتم استخدام صحيح للعلم يجب معرفة علاقة الثابت و المتغير فيه، لأنه لو كان العلم ثابتاً لتحول إلى دين، والدين هو مجموعة حقائق نهائية ومطلقة، بينما العلم هو مجموعة حقائق نسبية ومتحركة. ولكل تجربة علمية منهج وقانون وفرضيات، مثلا: إذا أردنا تحديد التركيب الكيميائي لمادة ما، يجب أن نمتلك أولا منهج التحليل الكيميائي (أسلوب فعل البشر العملي والنظري كيميائيا) هنا نعتبر المنهج في موقع الثابت نسبياً، و المعارف الجديدة المكتشفة هي المتغير، وبناءً على ذلك فالمجموعة القديمة من القوانين التي لم يتغير شكلها ومضمونها، تبقى في إطار الثابت، أما القوانين الجديدة فتبقى في أول الأمر في إطار المتغير كما أن هناك قوانين تغير شكلها، وبقي مضمونها ثابتا تبقى في إطار الثابت والمتغير، أما الفرضيات فدائما في إطار المتغير .

تعتبر النسبية في نظرتنا لمجرى التطور العام منهج علمي نعتمد عليه في عملية الثابت والمتغير فمثلاً: المنزل الذي نقيم فيه في حالة سكون بالنسبة لسطح الأرض، و لكنه يدور مع دوران الأرض سواءً حول محورها أو حول الشمس.
المنهج الماركسي: هو أسلوب فعل عملي ونظري، لاكتشاف ومعرفة حقائق الكون، والتوصل لمعرفتها بغية إحداث التطور المطلوب سواء في الطبيعة أو الفكر أو المجتمع، هذا المنهج يخترق الظاهرة الاجتماعية ويحللها ويحدد اتجاه حركتها.
إن من ينظر لمجرى الأحداث بشكل مطلق يتجاهل ديمومة التغير والتحول (الثابت والمتغير ) ويلغي بذلك النقاش والحوار ويصادر الرأي الآخر، و لا يعترف بتعدد الآراء ومن  يختزل النظرية الماركسية بمنهجها فقط يقدم بشكل خفي تبريراً للتعايش مع الهيمنة والامبريالية واستعباد الشعوب وامتهان كرامة الإنسان.
الثابت والمتغير في الماركسية هو عملياً تعبير عن المطلق و النسبي، و مشكلة الثابت و المتغير إن العلاقة بين شقيه متغيرة وغير ثابتة والحدود الفاصلة بينها مرنة ومتحركة مع تغير الواقع (لايوجد ثابت مطلق و لا متغير مطلق) فمشكلة الماركسيين إن بعضهم يراه ثابتاً، والآخر يراه متغيراً وكلاهما يعمل على وأد نظرية الطبقة العاملة.
 الثابت و المتغير
فكرة ماركس بأن الثورة البروليتارية ستنتصر بالغرب لم تثبت، فهذه الفكرة تدخل في إطار المتغير وانتهت بحلول الرأسمالية الاحتكارية عندها اكتشف لينين قانون التطور المتفاوت حيث اقترح لينين متغيراً آخر هو انتصار الثورة ببلد واحد. وهذا المتغير الذي أطلقه لينين هو افتراض انتقل بحكم التجربة والواقع إلى الثابت. والافتراض يعني احتمال اكتشاف قانون وهذا القانون بعد أن يدخل إلى المختبر فإما أن يهمل أو يصبح قانوناً يضاف للرصيد النظري وتغني النظرية نفسها.
قانون القيمة الزائدة: حيث اكتشفه ماركس ولكن في مرحلة الرأسمالية الاحتكارية قال لينين عن القيمة الزائدة هي الربح الاحتكاري. هنا بهذا المثال نلاحظ أن الجوهر بقي ثابتاً، وهو الاستيلاء على كميات عمل الآخرين وبإسقاطه على مفهوم الثابت والمتغير يمكن القول أن الفرضيات بقيت في مجال المتغير نسبياً، والمنهج ثابتاً بينما الذي تغير هو شكل القانون وجوهره بقي ثابتا. واليوم ألسنا مدعوين كماركسيين أن نكتشف ما هو شكل القيمة الزائدة في ظروفنا الجديدة حيث الاستغلال الجائر للطبيعة وللعالم الثالث والعمل الذهني.
الثابت و المتغيرفي رؤية وخطاب «الإرادة الشعبية»
عند دراسة أية ظاهرة يجب التعمق بجوهرها اولاً، قبل شكلها، فالتغيير والدراسة للظاهرة، يتطلب أولاً تكوين رؤية مطابقة للتغيير، ومن ثم إنتاج خطاب ينقل الرؤية إلى الممارسة (التغيير) وكون الخطاب هو الحلقة الوسطى بين الرؤية والممارسة، فعليه أن يكون مطابقاً لوعي الشعب و قادراً للوصول للناس فاتحاً الطريق نحو ممارسة (التغيير) فالرؤية الصحيحة،  تنتج خطاباً صحيحاً، و بدوره الخطاب  ينتج ممارسه صحيحة والعكس صحيح وهكذا دواليك .
الوطني والاقتصادي – الاجتماعي
والديمقراطية
الثابت: خلال العقود الماضية أعطى الحزب الأولوية للوطني بمعناه العام  منطلقاً من توازن وتناسب القوى، وخاصة مكانة وقوة البلدان الاشتراكية، ولكن بعد تفكك منظومة الدول الاشتراكية واستفحال مراكز النهب والفساد الكبرى داخل جهاز الدولة وفي المجتمع السوري لتصبح بوابات العبور للعدوان الخارجي لم تعد تلك الأولوية بشكلها  السابق، بل أثبتت الحياة بأن التلازم والتوازي بين المحاور الثلاث قضية مبدئية لا حياد عنها تتطلبها حاجات الجماهير وتطور البلاد نحو الأفضل.
المتغير:هو الافتراض الجديد وتغير شكل القانون والحفاظ على جوهره و اغتناء المنهج بروافد العلم المتطورة والقائم على أساس التلازم بين هذه المفاهيم في ظل متغيرات وتوازنات جديدة.
عودة الحزب
للجماهير والجماهير للشارع
لقد رسخ الشيوعيون السوريون تقاليد عريقة في التعبير عن مصالح الجماهير الشعبية الواسعة والدفاع عنها وهم بنضالهم اللاحق سيستندون إلى تراثهم الغني في هذا المجال مطورين إياه متجاوزين النقاط السلبية التي عرقلت عملهم وجعلتهم في أحيان كثيرة يكتفون بالإعلان عن نواياهم دون دعمها بالممارسة اليومية والحزب مطالب اليوم بتجاوز حالة الترهل التي أوصلته إليها الاحباطات المتوالية التي عانى منها واستعادة دوره الوظيفي التاريخي بعودة الحزب للجماهير والجماهير للشارع فالشارع اليوم هو ميدانها الحقيقي دفاعاً عن قضاياها العادلة و الهادفة
الثابت: هو الافتراض والمنهج والقانون كون الحزب لم يأخذ بعين الاعتبار التغير الحاصل بأشكال النهب و الفساد على المستوى الدولي و على المستوى المحلي .
المتغير: الفرضية – إغناء اللإنقسام:غير في شكل القانون مع الحفاظ على جوهره .
قوانين الصعود والهبوط
وجذر الانقسام
بدأ التراجع العالمي الفعلي في أواسط الستينات وهو التاريخ الفعلي لبدء الأزمة في الحزب وهذا ليس صدفة . لقد أدى هذا التراجع الذي جرى في العمق، ولم تكن هناك دلائل واضحة عليه على السطح إلى  خلق تناقض بين الهدف المعلن وواقع الحركة الفعلي.
إن ترافق التراجع العام مع عدم وعي له أدى إلى جملة من الاستنتاجات السياسية الخاطئة والى ممارسات تنظيمية عمقت حالة التراجع فالمتصارعين كلهم كانوا يعتقدون أن الأزمة مؤقتة وعابرة مما جعلهم يظنون أن المخرج التنظيمي هو المخرج الوحيد الصحيح . ومما لاشك فيه أن خسائرنا كانت أقل لو رافق التراجع حالة وعي متقدم له.
لينين : (الحزب أداة واعية للتحكم بالقوانين الموضوعية وفهم هذه القوانين واكتشافها والتحكم بمسارها)بالرغم من هزائمنا التي أطالت بعمر الرأسمالية المحتضرة إلا أنها لم تخرجها من أزمتها المستعصية وهي محكومة بالحرب.
الثابت: الافتراض - المنهج – القانون لان كل حركة لابد لها من الصعود و الهبوط وضرورة وكيفية التعامل معهما ومع وحدة الشيوعيين السوريين على أساس وحدة قيادات.
المتغير: الفرض الجديد – اغتناء المنهج – تغيير شكل القانون مع الحفاظ على جوهره والتعامل مع وحدة الشيوعيين السوريين على أساس البرنامج السياسي الذي يعيد للحزب دوره الوظيفي التاريخي.
ماهو الجديد اليوم
إن الأفق التاريخي قد بدأ بالانسداد أمام الرأسمالية العالمية فالخيار العسكري كخيار وحيد لحل المشاكل العالمية ماهو إلا دليل على إفلاس عميق وأزمة مستعصية لا حل لها وهذا يعني أن الأفق التاريخي لحركتنا قد انفتح على المدى المنظور مما سيغير ميزان القوى بالتدريج لصالحنا .
إن التقاط هذه اللحظة بالذات هو الذي يدفعنا للاستنتاج بأن الواقع الموضوعي أصبح يملي علينا ضرورة التفاف الشيوعيين كلهم حول برنامج سياسي واحد كما يملي ضرورة توحيد نضال شعوب الشرق العظيم ضد الامبريالية العالمية، و إذا كنا بالماضي محكومين بالتراجع فنحن اليوم محكومون بالتقدم والذي سيسير بشكل أسرع كلما استوعبنا هذا الأمر بشكل أسرع. 
الثابت: الفرضيات – المنهج – القانون - منطلقين من أن أمريكا و حلفاءها ووكلاها بموقع القوة ولا وجود للأزمة المستعصية وعدم قدرتهم على رؤية التغير الجديد الحاصل في ميزان القوى الدولي
المتغير: الفرضيات –اغتناء المنهج – تغير شكل القانون مع الحفاظ على جوهره معتمداً على أزمة الرأسمالية والحرب خيارها الوحيد. والتغير الجديد في ميزان القوى الدولي وقطب الشعوب الذي لا يقهر