ملاحظات شكلية على مشروع البرنامج
يتميز مشروع البرنامج الذي قدمه حزب الإرادة الشعبية للنقاش بكونه منصةً معرفية متقدمة تستدعي نقاشاً مستمراً، وتحتمل تطويرات عديدة متتالية، وسأحاول في هذه المادة الوقوف على بعض الجوانب العامة في المشروع:
أولاً: من حيث الشكل، يقدم المشروع مقترحاً جديداً ضمن برامج الأحزاب الشيوعية، فهو إذ يحتفظ بالجزأين الأساسيين المكونين لهذه البرامج، ونقصد الجزء النظري التمهيدي الذي يتبعه الجزء الملموس المتعلق بالأهداف والخطط، فإنه يخرج عن الشكل التقليدي في أشياء عديدة أهمها الفصل التام بين الجزأين بحيث يتسنى للقارئ أو المهتم التعاطي مع الجزء الأول بوصفه مادة بحثية تسعى لتكثيف توصيف الواقع، وتسمح له بالتالي بالمشاركة بصياغة الأهداف على قاعدة الفهم المشترك للأسباب. ولا يقل أهمية عما ذكرناه الحجم الصغير والمكثف للبرنامج الذي قطع كما يبدو بشكل نهائي مع المطولات التاريخية التي اعتمدتها الأحزاب الشيوعية..
ثانياً: أعتقد أن التناسبات بين الأجزاء المختلفة للبرنامج يجب أن تحددها الأوزان النوعية لهذه الأجزاء وليس درجة اكتمال صياغتها، وأقصد بذلك مثلاً أن الجزء الاقتصادي الاجتماعي الذي يبرع به حزب الإرادة الشعبية لا ينبغي له أن يأخذ حجماً يماثل مجموع الوطني والديمقراطي ويزيد.. ومن جهة أخرى فإن الرؤية على أهميتها تحتل معظم مساحة البرنامج، وهذا ليس بالأمر السيئ، ولكني أرى ضرورة إعادة النظر فيما لو كان ممكناً تكثيفها أكثر، مع علمي بدرجة صعوبة مهمة من هذا النوع..
ثالثاً: لا ينبغي أن تغيب قضايا عديدة مهمة عن برنامج حزب ثوري كحزب الإرادة الشعبية، بينها مثلاً قضايا البيئة والمرأة والطفل التي لا أعتقد أنها أخذت حقها من المعالجة الملموسة في المشروع..