ملاحظات حول مشروع البرنامج
قدم حزب الإرادة الشعبية مشروع برنامجه للنقاش العام و هذه بادرة إيجابية وفي الطريق الصحيح لأن وضع الملاحظات والانتقادات على المشروع تفيد في تصويب و تدقيق البرنامج من جهة، ومن جهة أخرى هي استفتاء للرأي العام حول المشروع .
يرد في مقدمة المشروع ما يلي (يمثل حزب الإرادة الشعبية في رؤيته وبرنامجه مصلحة الطبقة العاملة وسائر الكادحين السوريين ......................)
ويجعل الحزب هذا القول افتراضياً لأنه يشترط على نفسه كما يكمل النص (........ ويناضل من أجل اعترافهم به كممثل لمصالحهم ..................)
بمعنى أنه عند اعتراف الطبقة العاملة وسائر الكادحين بالحزب كممثل لمصالحهم عند ذلك يكون الحزب في رؤيته وبرنامجه ممثلاً لمصالحهم .
ويتابع النص (....... ويرى في ذلك الاعتراف مدخله الأساسي لتحقيق دوره الوظيفي في بناء الاشتراكية في القرن الحادي والعشرين) وهنا يؤكد على الدور الوظيفي للحزب بمعنى أنه إذا لم تعترف به الجماهير الكادحة يفقد دوره الوظيفي وبالتالي لا قيمة لوجوده .
هذا المدخل الثوري الحقيقي يجب أن يكون فاتحة لأي حزب يدعي الثورية، فالربط الديالكتيكي بين الرؤية والممارسة ومن ثم الاعتراف من الجماهير الكادحة هو جوهر الجوهر في وجود الحزب الثوري أو عدم وجوده ، حيث لا يكفي هنا الإعلان بل الممارسة والفعل لاكتساب ثقة الجماهير الكادحة لحزبها الذي يمثل مصالحها الطبقية قولاً وفعلاً، وما عدا ذلك يصبح من الترهات، ولا معنى لوجود هذا الحزب أو ذاك إلا كيافطة لا أكثر ولا أقل .
وفي المقدمة أيضاً يؤكد الحزب على مرجعيته الفكرية حيث يقول (............ يعتمد حزب الإرادة الشعبية الماركسية – اللينينية مرجعيته الفكرية والتي يعمل على تطبيقها بشكل خلاق من خلال التجربة والعمل بين الجماهير ومن خلال مراجعته الدائمة لحدود الثابت والمتغير فيها بعيداً عن أمراض العدمية والنصوصية ) هنا يؤكد الحزب على مسألة في غاية الأهمية، وهي أن الماركسية اللينينية علم مثله مثل العلوم الأخرى له قوانينه وافتراضاته، والتجربة الحية بين الجماهير صاحبة المصلحة هي التي تثبت صحة هذه الافتراضات أو عدم صحتها أو صحة هذه القوانين من عدمها، وبهذا الشكل يكون الحزب برؤيته هذه قد أبعد خطرين هددا الماركسية اللينينية خلال تاريخها:
• العدمية: التي اعتبرت الماركسية اللينينية مجموعة أفكار ونظريات مضى عليها الزمن وشرب وغير قابلة للتطبيق.
• النصوصية: التي اعتبرت الماركسية اللينينية ككتاب مقدس لا يمكن المساس بها ويجب أخذها كما هي.
يؤكد الحزب في مشروع برنامجه على أنه (....... يعتبر نفسه وريثاً لقيم وتراث كل من حركة التحرر الوطني والحركة الشيوعية والثورية في سورية وفي العالم خلال القرن العشرين واستمراراً لها)
يبدو هنا واضحاً على أن حزب الإرادة الشعبية لم يأت من فراغ، وإنما هو نتاج موضوعي لتطور حركة التحرر الوطني والحركة الثورية في سورية والعالم وهو بالتالي وريثاً موضوعياً لنضال هاتين الحركتين في نضالهما للتحرر الوطني من قبضة الاستعمار بشكليه القديم والحديث وفي نضال الحركة الثورية للتحرر الاقتصادي الاجتماعي من قبضة الفاسدين وسارقي قوت الشعب وهذا ما تنبأ به لينين بأنه في تطور حركة النضال من أجل التحرر الوطني تندمج قضية النضال الوطني التحرري بقضية النضال الاقتصادي الاجتماعي.
هذا التواضع الذي يتميز فيه حزب الإرادة الشعبية من خلال مشروع برنامجه هو التواضع الثوري الذي يميز الأحزاب الثورية، حيث الحزب هنا ليس هدفاً بذاته، وإنما أداة ووسيلة للوصول إلى الهدف الرئيسي، والذي هو الوطن بمكوناته الجغرافية والبشرية، حيث الحزب هنا منحاز للطبقة العاملة وسائر الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم الذين يمثلون الأغلبية الساحقة من أي مجتمع بشري، فهم صانعو الخيرات المادية وحديثاً منتجو المعرفة وأدواتها.