بصراحة: الحصار والاحتكار وجهان لعمله واحدة
الحصار الاقتصادي المفروض على سورية منذ بدء الأزمة له نصيب مهم في تضييق الخناق على شعبنا من حيث توفر المواد الأساسية التي يحتاجها في غذائه اليومي،
الحصار الاقتصادي المفروض على سورية منذ بدء الأزمة له نصيب مهم في تضييق الخناق على شعبنا من حيث توفر المواد الأساسية التي يحتاجها في غذائه اليومي،
مرت الحركة النقابية بمسارات صعبة منذ تأسيسها كحركة معبرة عن مصالح الطبقة العاملة، و مدافعة عن حقوقها الاقتصادية والديمقراطية والسياسية استطاعت الحركة أن تتجاوزها أحياناً بصعوبة،
شركات القطاع الخاص، وشركات القطاع العام الواقعة في مناطق تشهد معارك مستمرة، تتعرض لاعتداءات متواصلة من المجموعات المسلحة حتى بات الأمر يحتاج إلى علاج جذري يتم من خلاله حماية المنشآت الاقتصادية، والإنتاجية الحيوية، والحفاظ على استمراريتها في الإنتاج خاصةً تلك الشركات التي لها أهمية استراتيجية كشركات الأدوية والمحطات الكهربائية، ومحطات انتاج الغاز الضروري لحاجات المواطنين، وغيرها وغيرها من المنشآت الاستراتيجية التي إذا ما توقفت عن الانتاج فستخلق أزمة حقيقية بالإضافة لما هو موجود من أزمات مختلفة يعاني منها الشعب السوري الآن وليس بالأفق إمكانية لحلها في ظل تصاعد، وتعقد الأوضاع الأمنية والسياسية بسبب تعنت القوى المتطرفة التي لا تريد حلاً سياسياً يؤمن وحدة البلاد أرضاً وشعباً.
منذ التشكيلات الاجتماعية الأولى والفقراء يخوضون صراعاً ضارياً من أجل تحسين ظروف حياتهم المعيشية، وتحصيل حقوقهم التي يسرقها منهم من ولي على لقمة عيشهم مرةً بحكم العادات الموروثة، وأخرى باسم الدين، وثالثة بحكم القوانين التي يضعها الأغنياء حتى يؤمنوا تدفق الأرباح إلى جيوبهم، وبالمقابل فإن الفقراء يثورون على مستغليهم عندما تصل درجات الأستغلال إلى حدودها القصوى التي لم يعد بالإمكان تحملها، والتاريخ مليء بهذه الثورات حيث استطاع المقهورون والفقراء تعديل شروط الاستغلال والنهب، ولكن ضريبة ذلك كانت باهظة ومكلفة أضطر أولو النهب معها أن يعدلوا من شكل استغلالهم، بطرق مستحدثة تفتق عنها ذهن الطبقات المُستغلة، خاصةً في التشكيلة الرأسمالية التي تعرضت فيها الطبقة العاملة لأبشع أنواع الاستغلال، وبإرادتها الحرة، حيث لم يعد العامل مجبراً على العمل عند رب عمل بعينه، ولكن هو خاضع لما يتفق عليه مجموع الرأسماليين بمواجهة مجموع العمال المفروض عليهم «العقد شريعة المتعاقدين» الذي هو في نهاية المطاف عقد يراد منه إخضاع مجموع الطبقة العاملة لمجموع الرأسماليين المتحدين بموقفهم من حقوق العمال على أساس القوانين والتشريعات التي تصدرها الحكومات المعبرة عن مصالح الطبقات المُستغلة.
االأزمة الوطنية العميقة، التي مانزال نعيش فصولها المأساوية على شعبنا ووطننا، قد غيرت وبدلت كثيراً في واقع الحال الذي يعيشه السوريون، وخاصة الطبقة العاملة السورية المتضررة في أجورها ومكان عملها وسكنها ومستوى معيشتها، تلك الأشياء جميعها قد تجمعت حزمة واحدة وأنتجت هذا الواقع الذي يعيشه العمال في مواقعهم كلها، ومع هذا يُطلب منهم المزيد من شد الأحزمة على البطون وأن يصمدوا ويصبروا على بلواهم، وكأن العمال هم وحدهم من يجب عليه حمل الأزمة بجوانبها وتبعاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية كلها، بينما من كانوا أحد مسببات الأزمة استثمروا فيها في السابق ويستثمرون الآن على الصعد كلها!.
من المعلوم حين تحل الأزمات في دولة ما يكون التفكير، والإجراء المنطقي المبني على دراية كافية بمجريات الأزمة وتطوراتها، أن تتخذ التدابير اللازمة، والكفيلة باستمرار عمل أجهزة الدولة، ومؤسساتها المختلفة، ومنها الاقتصاد الوطني «الصناعي،الزراعي،الخدمي»، لمواجهة تلك الأزمة، وخاصةً الشبيهة بالأزمة الوطنية التي يمر بها وطننا، وشعبنا العظيم الذي يعاني الآن الأمرين في حياته المعيشية القاسية بالإضافة للتهجير الذي لحق به جراء العمليات العسكرية الدائرة في المناطق، وبعض المدن والأرياف على امتداد الوطن التي جعلت من المواطن الفقير دائم الترحال لا يعرف الأستقرار، و لا الأمان، والمستقبل بالنسبة له قاتم لأن الحلول القائمة، والمطروحة تجعل تفاؤله في المستقبل يتبخر مع كل حالة ترحال يقوم بها من مكان إلى آخر طلباً للسلامة، والخلاص الذي ينشد فلا يجده بالرغم من سماعه المتكرر عن لحظة الحسم التي اقتربت، وساعة الصفر التي حان قطافها، فلا هذه ولا تلك هي الحل الذي يريده الشعب السوري لأن كلا الحلين بعيدان عن الواقع ومجرياته، ولا يمكن الرهان عليهما من أجل خلاص سورية من أزمتها، الحل يكمن في مكان آخر ينشده الشعب السوري، وتسعى إليه كل القوى الوطنية والشريفة، وتخالفه القوى الأخرى التي تسعى بسلوكها على الأرض إلى إدامة الأشتباك واستمرار نزيف الدم السوري رخيصاً على مذبح مشاريع القوى المتشددة من الطرفين، المتخاصمين على الأرض المتفقين في النتائج، والأهداف.
تصًعد القوى الامبريالية وحلفاؤها من الرجعيين العرب هجومها السياسي والعسكري عبر خطوتها السياسية والإجرائية الجديدة لإعادة نفخ الروح في أدواتها المحلية سواء المعارضة في الخارج أو المجموعات المسلحة القادمة من خلف الحدود، والإيهام بإمكانية تحسين الشروط السياسية والعسكرية بمجموعة من الترتيبات يتم اتخاذها كما حدث في «الدوحة» بعدما انقطع الأمل بإمكانية تدخل عسكري مباشر على الطريقة الليبية تسقط فيها سورية فريسة بين مخالب الوحش الامبريالي الرجعي العربي وقد لاحظ الجميع تصاعد حدة الأعمال العسكرية للمجموعات المسلحة أثناء انعقاد مؤتمر الدوحة في جميع المناطق الساخنة حتى أن «التنسيقيات» تبنت شعار جمعة الزحف إلى دمشق، وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها رفع شعارات كهذه غير ممكنة التحقيق ولكنها تزيد من تعقد الوضع الأمني الذي أصبح ضاغطاً بقوة على الحياة اليومية للمواطنين والأكثر معاناةً في هذا الوضع هم العمال فهم يتعرضون لمخاطر كبيرة في ذهابهم إلى العمل وعودتهم منه بسبب الاشتباكات العسكرية على العديد من الحواجز وفي الأماكن التي توجد بها الشركات الصناعية والمعامل، خاصة في المدن الصناعية التي أصبحت هدفاً سهلاً، ودائماً للمسلحين لعدم وجود الحماية الكافية التي تحافظ على هذه المنشآت الحيوية لاستمرار عمل العمال، والإنتاج ايضاً.
في الأزمات الوطنية التي تتعرض لها البلدان وتتهدد فيها كياناتها الوطنية سواء بتدخلات خارجية مباشرة أو بتدخلات خارجية لها أدوات داخلية تتوافق مصالحها مع مشاريع القوى الخارجية التي هدفها ليس مصلحة من يتوافق معها فقط في الداخل،
بمبادرة عملية من اتحاد عمال دمشق تم فتح النقاش الداخلي حول واقع عمال القطاع الخاص، وضرورة تطوير أداء النقابات في جذب العمال نحو المظلة النقابية، وهذا النقاش أخذ طابعه العام دون أن تكون هناك ورقة عمل يجري النقاش على أساسها، والتوجه بها نحو العمال من أجل إقناعهم بأهمية هذه الخطوة من حيث إمكانية الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، وخاصةً أجورهم التي يعتدى عليها كبقية العمال أينما وجدوا.
المؤتمرات النقابية يجري عقدها وفقاً للجداول المعلنة من اتحادات المحافظات، والمتابع لهذه المؤتمرات يجد أنها لم تختلف كثيراً عن سابقاتها من المؤتمرات في السنين الفائتة بالرغم من اختلاف الظروف والمهمات الواقعة على عاتق الحركة النقابية والمفترض أن تصاغ ويؤخذ بها قرارات من أعضاء المؤتمرات، ولكن المنحى العام لمجمل المداخلات والردود عليها من القيادات النقابية الراعية لانعقاد المؤتمرات، خارجة عن إطار ما تم التوجيه به من قيادة الحركة النقابية (المكتب التنفيذي للاتحاد العام)،