بصراحة: المؤتمرات قادمة... فرصة لتجديد الدماء النقابية!!

مرت الحركة النقابية بمسارات صعبة منذ تأسيسها كحركة معبرة عن مصالح الطبقة العاملة، و مدافعة عن حقوقها الاقتصادية والديمقراطية والسياسية استطاعت الحركة أن تتجاوزها أحياناً بصعوبة،

بسبب الأوضاع السائدة، السياسية و التنظيمية للقوى الفاعلة في الحركة مما انعكس على واقع الحركة النقابية من حيث دورها الفاعل في تمثيل مصالح الطبقة العاملة، ولكن ما نود الإشارة إليه وهو مهم في استنباط الدروس، والتجارب التي مكنت الحركة النقابية من أخذ موقعها على خارطة القوى السياسية الأساسية الفاعلة على الأرض أن الحركة ولدت من رحم الحركة الوطنية التي ناضلت ضد الاستعمار الفرنسي في الوقت الذي كانت أيضاً تناضل من أجل تحسين شروط العمل وزيادة الأجور، ومن أجل ثماني ساعات عمل هذه المطالب التي كانت تنكرها عليها البرجوازية الوطنية والشركات الأجنبية التي أستقدمها الأستعمار معه في وقت واحد، وما كان هذا ليحدث لولا الجهود المضنية التي بذلها الرواد النقابيون الأوائل في أن تكون الحركة النقابية مستقلة في قرارها، والاستقلالية في القرار تعني اندماج قيادة الحركة النقابية في الحركة العمالية، وتفاعلها القوي مع القواعد العمالية، وقيادتها المباشرة للفعاليات النضالية المباشرة كالإضرابات، والأعتصامات، ويشهد على قوة وفعالية هذه الأفعال الإضرابات التي قام بها عمال النسيج في حمص وتضامن عمال دمشق معهم، ودعموهم بإنشاء صناديق دعم الإضربات لكي يستمر العمال الحماصنة في إضرابهم حتى تحقيق أهدافهم المعلنة المطلوب تحقيقها من أرباب العمل، هذا مثال من آلاف الأمثلة التي تؤكد على أن قوة الطبقة العاملة وحركتها النقابية لم تأت من حالة فراغ بل جاءت بفعل التلاحم الكفاحي بين القيادة والقاعدة العمالية التي أوجدت تلك القيادة ووثقت من قدرتها على الثبات في الأوقات العصيبة والأزمات، وقدرتها على المواجهة والمجابهة مع القوى التي مشروعها استغلال جهد وعرق العمال ومراكمة الأرباح دون اكتراث بمطالب العمال وحقوقهم المشروعة.

إن الحركة النقابية والعمالية تعيش الآن أوقاتاً عصيبة تشبه تلك التي عاشها العمال الأوائل من حيث الواقع المعيشي المتردي بسبب الدور الذي لعبته السياسات الاقتصادية الليبرالية و التشريعات و القوانين التي صادرت حق الطبقة العاملة في مواجهة مستغليها في الوقت الذي أطلقت يد قوى السوق و أرباب العمل في فرض مصالحهم و شروطهم التي هي تعبير عن قوانين السوق المتوحشة مما أدى إلي زيادة معدلات الفقر والبطالة و أعداد المهمشين كل هذا كان يجري تحت أنظار القوى المفترض بها أنها تعبر و تدافع عن مصالح وحقوق الطبقة العاملة ولكنها لم تحرك ساكناً بالمعنى العملي الذي يدفع الأذى عن العمال بمصالحهم وحقوقهم.

المؤتمرات النقابية التي ستجري في الوقت القريب قد تكون فرصة مناسبة لإعادة هيكلة الحركة النقابية بما يتناسب والظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا الحبيب، وقد تكون تعويضاً في الحدود الدنيا عما كانت ستقوم به الانتخابات النقابية التي أجلت إلى إشعار أخر بسبب الظروف الأمنية السائدة المانعة لإجراء انتخابات طبيعية وجدية تتمكن من خلالها الطبقة العاملة من إعادة إنتاج قياداتها النقابية التي اختبرتها وجربتها في هذه الظروف التي قلنا عنها استثنائية، والتي تحتاج إلى قرارات و مواقف جريئة يقدم عليها العمال في المؤتمرات التي من المفترض أن لا وصاية عليها وهي صاحبة الأمر في اتخاذ قراراتها المعبرة عن مصالحها ومنها في أن تقول رأيها بصراحة ووضوح بقياداتها النقابية وتسأل عن دورهم السابق والحالي أثناء الأزمة.

 

إن الظروف الموضوعية مواتية وخاصةً في المادة الثامنة من الدستور الجديد كي تستعيد الحركة النقابية استقلاليتها التامة التي مكنتها في السابق من أن تكون قوة وطنية فاعلة في القضايا الوطنية والسياسية العامة وفي القضايا الطبقية الخاصة بحقوق ومطالب الطبقة العاملة.