بصراحة: لحوار عمالي على طاوله مستديرة
االأزمة الوطنية العميقة، التي مانزال نعيش فصولها المأساوية على شعبنا ووطننا، قد غيرت وبدلت كثيراً في واقع الحال الذي يعيشه السوريون، وخاصة الطبقة العاملة السورية المتضررة في أجورها ومكان عملها وسكنها ومستوى معيشتها، تلك الأشياء جميعها قد تجمعت حزمة واحدة وأنتجت هذا الواقع الذي يعيشه العمال في مواقعهم كلها، ومع هذا يُطلب منهم المزيد من شد الأحزمة على البطون وأن يصمدوا ويصبروا على بلواهم، وكأن العمال هم وحدهم من يجب عليه حمل الأزمة بجوانبها وتبعاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية كلها، بينما من كانوا أحد مسببات الأزمة استثمروا فيها في السابق ويستثمرون الآن على الصعد كلها!.
إن هذا الواقع يطرح أهمية تصعيد الحراك العمالي والنقابي، في مواجهة التصعيد الذي يقوم به الطرف الأخر، اتجاه الأجور ومستوى معيشة العمال، عبر تجميد الأجور بمستوييها الحد الأدنى والأجر الحقيقي ورفع الأسعار وفرض ضرائب مختلفة على أصحاب الأجر، هذا كله يستدعي إعادة النظر بالسياسات التي تحكم عمل النقابات العمالية، وفي مقدمتها استعادة الدور الوظيفي لها والمفترض أنها المدافع عن مصالح العمال وحقوقهم، كونهم المنتجين الحقيقيين للثروة التي نصيبهم منها ضئيل جداً، كما تشير إلى ذلك وتجمع الدراسات والإحصائيات كلها والواقع المعبر عنه بالمستوى المعيشي للعمال، الذي وصل إلى حد الفقر المطلق.
إن الحوار المفتوح داخل الحركة النقابية وخارجها حول واقع الاقتصاد الوطني في ظل السياسات الليبرالية، والآثار العميقة الناجمة عن هذه السياسات على الحركة العمالية، سيفتح الأفق نحو رؤية نقابية عمالية تتمكن من استعادة الدور الوظيفي للنقابات، الأمر الذي سيجعل الإمكانية متاحة في تحديد الأولويات التي ستحد من التدهور في المستوى المعيشي للطبقة العاملة، وإيجاد الأدوات الضرورية التي ستمكّن من إنجاز تلك المهمة الوطنية، ويأتي في مقدمتها حق الإضراب السلمي للطبقة العاملة المقرّ دستورياً، حيث ستتيح الأشكال النضالية المختلفة تعديل موازين القوى، أي استرجاع الوزن الحقيقي للعمال في السياسة والاقتصاد الذي ضعف خلال العقود الفائتة.
إن الطبقة العاملة السورية لن تبقى طويلاً على صمتها، وستتحرك دفاعاً عن لقمتها، وأيضاً كلمتها، وطلائعها بدأت، فهل تلاقيها النقابات؟