بصراحة: شركة تاميكو بين رحى الطاحون؟؟

 من المعلوم حين تحل الأزمات في دولة ما يكون التفكير، والإجراء المنطقي المبني على دراية كافية بمجريات الأزمة وتطوراتها، أن تتخذ التدابير اللازمة، والكفيلة باستمرار عمل أجهزة الدولة، ومؤسساتها المختلفة، ومنها الاقتصاد الوطني «الصناعي،الزراعي،الخدمي»، لمواجهة تلك الأزمة، وخاصةً الشبيهة بالأزمة الوطنية التي يمر بها وطننا، وشعبنا العظيم الذي يعاني الآن الأمرين في حياته المعيشية القاسية بالإضافة للتهجير الذي لحق به جراء العمليات العسكرية الدائرة في المناطق، وبعض المدن والأرياف على امتداد الوطن التي جعلت من المواطن الفقير دائم الترحال لا يعرف الأستقرار، و لا الأمان، والمستقبل بالنسبة له قاتم لأن الحلول القائمة، والمطروحة تجعل تفاؤله في المستقبل يتبخر مع كل حالة ترحال يقوم بها من مكان إلى آخر طلباً للسلامة، والخلاص الذي ينشد فلا يجده بالرغم من سماعه المتكرر عن لحظة الحسم التي اقتربت، وساعة الصفر التي حان قطافها، فلا هذه ولا تلك هي الحل الذي يريده الشعب السوري لأن كلا الحلين بعيدان عن الواقع ومجرياته، ولا يمكن الرهان عليهما من أجل خلاص سورية من أزمتها، الحل يكمن في مكان آخر ينشده الشعب السوري، وتسعى إليه كل القوى الوطنية والشريفة، وتخالفه القوى الأخرى التي تسعى بسلوكها على الأرض إلى إدامة الأشتباك واستمرار نزيف الدم السوري رخيصاً على مذبح مشاريع القوى المتشددة من الطرفين، المتخاصمين على الأرض المتفقين في النتائج، والأهداف.

 

 السؤال الموجه إلى كل الحكومات التي تعاقبت منذ بدء الأزمة، وإلى الآن: ما هو البرنامج، والمخطط الذي تم وضعه في ظل الأزمة الراهنة لتأمين المواقع الاستراتيجية، وحمايتها ، ومنها المعامل، والشركات التي تنتج ما هو هام وضروري كالمخابز وشركات إنتاج الدواء ومعامل إنتاج الغاز، والمطاحن وغيره، وغيره من المواقع الأخرى الهامة؟

إن الإجابة على هذا السؤال يمكن الاستدلال عليه مما هو جار على الأرض من وقائع تحدث  يومياً تجاه المنشآت الاستراتيجية المرتبط إنتاجها بحياة الشعب اليومية، حيث لم تتخذ الإجراءات الكافية، والضرورية لحمايتها ليس بالمعنى الأمني فقط بل بالمعنى الإداري، والأنتاجي ، وهذا يعكس الذهنية التي يدار بها الاقتصاد الوطني بالشكل العام والمنشآت والمصانع الاستراتيجية بشكل خاص حيث جذر هذه الذهنية يعود لتبني مقولة الحسم العسكري، وأنها«خلصت»، وليس إلى أن المعركة طويلة الأمد، وتحتاج إلى إجراءات استثنائية تمكن من استمرار العمل و تواصله وفي مقدمة تلك الإجراءات إدارات قادرة على تحمل المسؤولية في قيادة المواقع الاقتصادية المختلفة، وقادرة أيضاً على اتخاذ القرارات الكفيلة باستمرار العمل، ولتوضيح الواقع سنضرب مثلاً واضحاً على وجود إدارات ليست لديها القدرة و لا الإمكانية على أداء مهامها المطلوبة منها في ظروف العمل غير الإعتيادية التي تمر بها شركة تاميكو التي تنتج القسم الأساسي من كمية الدواء الضروري لحاجة الشعب السوري بمواصفات عالية وبأسعار ليست ربحية كما هي الحال عند معامل القطاع الخاص.

لقد تعاملت الإدارة وعلى رأسها المدير العام مع المعمل والعمال كما يقول المثل «أذهب أنت وربك فقاتلا»، ويا بيت لست منك، فقد تعرض المعمل، والعمال لمخاطر حقيقية بسبب الأعتداء عليه من المجموعات المسلحة لأكثر من مرة، وتم سرقة كميات كبيرة من المواد الأولية، ومن سيارات الشركة، ولم تبادر الحكومة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية الشركة سوى نقل بعض الإدارات إلى موقع آخر تابع للشركة وهذا مهم، ولكن الأهم هو ضرورة التفكير الجدي والسريع لنقل المعمل إلى موقع آخر أكثر  أمناً وهذا ممكن والعمال لديهم القدرة على انجاز هذا العمل، ولكن القرار في هذا، بمكان آخر لا يبادر لمثل هذا العمل الضروري والهام بل تجري المماطلة والتأخير، وهنا تأتي مسؤولية النقابات بالضغط على أصحاب القرار لإنجاز ما هو مطلوب منهم بهذا الخصوص عوضاً عن الطروحات العديدة التي يتبناها بعض القيادات النقابية بتحويل الطبقة العاملة إلى ميليشيا تضاف للميليشيات الأخرى العاملة على الساحة.

ارفعوا حجر الرحى عن صدر شركة تاميكو، وتحملوا مسؤوليتكم.