بصراحة: سلطة العمال في ظل الأزمة

في الأزمات الوطنية التي تتعرض لها البلدان وتتهدد فيها كياناتها الوطنية سواء بتدخلات خارجية مباشرة أو بتدخلات خارجية لها أدوات داخلية تتوافق مصالحها مع مشاريع القوى الخارجية التي هدفها ليس مصلحة من يتوافق معها فقط في الداخل،

وإنما هدفها الرئيسي تأمين مشاريعها في الهيمنة السياسية، والاقتصادية، وبالتالي العسكرية في المناطق الاستراتيجية التي تؤمن استمرار نفوذها وبقاءه طالما بقيت مصالحها قائمة دون تهديد حقيقي لها تقوم به الشعوب التي تدافع ايضاً عن مصالحها، وفي المقدمة أن يبقى الوطن مستقلاً، لا وصاية على أرضه وقراره، وحتى يتحقق الدفاع الحقيقي عن الوطن تسعى البلدان عبر حكوماتها، وأنظمتها السياسية إلى التصالح مع شعوبها من خلال تأمين حقوقها السياسية والاقتصادية غير المنقوصة، حيث يمكَن هذا الفعل الشعب من ممارسة دوره الوطني في الدفاع عنه وحمايته من الاعتداءات الخارجية و الداخلية المستخدمة  لقوى الفساد الكبير التي هي بوابات العبور إلى داخل الوطن بكل المعاني والمقاييس والمهيئة للظروف المواتية اقتصادياً، وسياسياً لإشعال الحطب اللازم وهذه القوى واضح حراكها على الأرض و لا تلبس طاقية الإخفاء كما يقال و لكن القوى والطبقات المتضررة منها لا حول ولا قوة لها في مواجهتها، لأسباب عدة يأتي في مقدمتها تقييد حريتها في التعبير و التنظيم مما أفقدها المبادرة في تجميع قواها الكافية في الرد على قوى الفساد بالشكل و الوقت المناسبين مع العلم أن الطبقة الأكثر تضرراً من قوى النهب و الفساد هي الطبقة العاملة التي استشعرت مبكراً مخاطر السياسات الاقتصادية الليبرالية وعبرت عن ذلك بأشكال وطرق مختلفة، وضمن ما هو متاح لها من منابر ولكن للأسف لم تصل تلك التخوفات و الإشارات إلى من يجب أن تصل إليه ووقعت أخيراً الفأس بالرأس، ولم يعد مجدياً الآن الحديث عن من أحرق البيت بل المهم أن نقوم الآن بإطفاء الحريق المشتعل الذي يحتاج إطفاؤه لجهود كل القوى والطبقات المتضررة من اللهيب المتقد في كل مكان من الوطن الحبيب.

إن ما قدمنا له يفتح الباب واسعاً أمام حراك غير مطروق سابقاً على الأقل خلال العقود الخمسة المنصرمة التي عاشت فيها الطبقة العاملة السورية حالة من السبات في التعبير المستقل عن مصالحها وحقوقها، وكان هناك من يمارس وصايته التنظيمية والسياسية عليها مما جعل حساسيتها تجاه التعبير عن مصالحها ضعيفاً، ويمكن أن نقول غير مكترثة بما يجري حولها من تطورات جد خطيرة تمس مصالحها وحقوقها المباشرة، ويمكن أن نحمَل المسؤولية المباشرة لتلك القوى الوطنية والتقدمية التي كانت ترفع شعارات الدفاع عن الطبقة العاملة، وتتضمن برامجها وأنظمتها الداخلية أنها طليعة الطبقة العاملة، وبالرغم من هذا ما استطاعت الوصول إلى مواقع الطبقة العاملة لنقل الوعي لها من خارجها وقيادة نضالاتها الطبقية بل وضعت تلك القوى بيضها كله تقريباً في سلة التحاصص الوظيفي للمواقع القيادية النقابية مما أفقد العمال عنصراً هاماً من قوتهم الفعلية و هو وجود قيادات عمالية تخرج من رحم الحركة العمالية عبر صناديق الانتخابات لتقود النضال العمالي السياسي و الاقتصادي، وهذا ما لم يجر تماماً لنشهد الآن وفي ظل الأزمة الحالية المهددة ليس لمصالح الطبقة العاملة فقط بل للوطن برمته أرضاً و شعباً، شللاً في أداء القيادات النقابية الفاعلة على الأرض من حيث دورها المطلوب منها في الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن والدور المطلوب ليس حمل السلاح كما يجري الترويج لهذا من بعض القيادات النقابية بل المطلوب العمل على إدارة المعامل لكي تستمر في انتاجها الذي تعيقه الكثير من الإدارات من خلال تخليها عن مهامها و الهروب وترك العمال دون إدارات فعلية للإنتاج مما يطرح عبئاً آخر على كاهل الطبقة العاملة بالإضافة لجهودها الجبارة في الاستمرار بالعمل بالرغم من المخاطر الكبيرة التي يتعرضون لها داخل وخارج المعامل هذا العبء هو مبادرتها عبر لجان تنظمها لإدارة المعامل مباشرةً من قبلها، وتحييد من يعرقل هذه المهمة الوطنية الكبرى وفي هذا تحقيقً لمصلحة الطبقة العاملة  

والمصلحة الوطنية التي تعني أن تستمر المعامل بالإنتاج.

 

إن الظروف الموضوعية ناضجة لكي يقيم العمال سلطتهم في معاملهم التي هي لهم وهم معنيون بالدفاع عنها، وتسييرها وحمايتها.