بصراحة: الانتخابات أُجلت فلنستعد لمعركة طويلة الأمد؟!

تصًعد القوى الامبريالية وحلفاؤها من الرجعيين العرب هجومها السياسي والعسكري عبر خطوتها السياسية والإجرائية الجديدة لإعادة نفخ الروح في أدواتها المحلية سواء المعارضة في الخارج أو المجموعات المسلحة القادمة من خلف الحدود، والإيهام بإمكانية تحسين الشروط السياسية والعسكرية بمجموعة من الترتيبات يتم اتخاذها كما حدث في «الدوحة» بعدما انقطع الأمل بإمكانية تدخل عسكري مباشر على الطريقة الليبية تسقط فيها سورية فريسة بين مخالب الوحش الامبريالي الرجعي العربي وقد لاحظ الجميع تصاعد حدة الأعمال العسكرية للمجموعات المسلحة أثناء انعقاد مؤتمر الدوحة في جميع المناطق الساخنة حتى أن «التنسيقيات» تبنت شعار جمعة الزحف إلى دمشق، وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها رفع شعارات كهذه غير ممكنة التحقيق ولكنها تزيد من تعقد الوضع الأمني الذي أصبح ضاغطاً بقوة على الحياة اليومية للمواطنين والأكثر معاناةً في هذا الوضع هم العمال فهم يتعرضون لمخاطر كبيرة في ذهابهم إلى العمل وعودتهم منه بسبب الاشتباكات العسكرية على العديد من الحواجز وفي الأماكن التي توجد بها الشركات الصناعية والمعامل، خاصة في المدن الصناعية التي أصبحت هدفاً سهلاً، ودائماً للمسلحين لعدم وجود الحماية الكافية التي تحافظ على هذه المنشآت الحيوية لاستمرار عمل العمال، والإنتاج ايضاً.

إن التطورات الخطرة الجارية على الأرض ونعني هنا تعرض الاقتصاد الوطني برمته، وليس المعامل فقط للمخاطر التي تحدثنا عنها، تطرح تساؤلات على غاية من الأهمية حول دور الأحزاب الوطنية،والمنظمات الأهلية، ومنها النقابات العمالية، وهي المعنية مباشرةً في تبني مهمة،« الدفاع عن الوطن بمفهومه الشامل» خاصة، وأنها تمثل الطبقة الوطنية بالإضافة لكل الفئات الأكثر تضرراً مما يحدث، ولديها الاستعداد، والإمكانية الحقيقية في الدفاع عن الوطن، وحمايته، والحفاظ على وحدته، ولكن هذا العمل يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى قيادات نقابية تستطيع حمل هذه المسؤولية التاريخية على عاتقها وتمضي بالطبقة العاملة، ومعها إلى حيث تكون المواقع المراد حمايتها و الدفاع عنها.

لقد أجُّلت الانتخابات النقابية للمرة الثانية بسبب الظروف الأمنية السائدة التي تمنع إجراء الانتخابات النقابية وفقاً لقانون التنظيم النقابي الذي ما زال سارياً مفعوله ومن المفترض أن يجري تعديله وفقاً للدستور الجديد، وخاصةً مادته الثامنة، حيث يتيح ذلك للطبقة العاملة اختيار مرشحيها المعبرين عن مصالحها، والمدافعين عن حقوقها، والقادرين على قيادة الطبقة العاملة في هذه الظروف الاستثنائية التي تحتاج الآن إلى قيادة نقابية استثنائية تخرج من إطار العمل المكتبي البيروقراطي الذي جعل حقوق الطبقة العاملة، ومصالحها تُنتهك بشكل سافر من الحكومات المختلفة المتبنية للسياسات الليبرالية التي لعبت الدور الأساسي في ارتفاع نسب الفقر، والبطالة، وزيادة في أعداد المهمشين الذين كانوا الحطب، والضحية في الأزمة الوطنية، إلى العمل الميداني المباشر في المعامل و المنشآت، والمواقع الاقتصادية الاستراتيجية التي تتعرض الآن لاعتداءات.

إن البديل عن الانتخابات النقابية هو إعادة هيكلة الحركة النقابية وفقاً للظروف الاستثنائية الحالية التي قد تطول بسبب التدخلات الإقليمية والدولية الساعية إلى إعادة ترتيب المنطقة على أساس مشروعها التفتيتي التقسيمي الذي جوهره ضرب مقومات الصمود والمقاومة للمشروع الإمبريالي الرجعي العربي، حيث لعبت المقاومات دوراً أساسياً في إعاقة المشروع الإمبريالي في لبنان و العراق وفلسطين، ولاستمرار هذا الدور المقاوم يتطلب من القوى الوطنية والشعبية، ومنها الحركة النقابية الاستعداد لمعركة طويلة الأمد، من أجل الدفاع عن سورية، لأن سورية تستحق الدفاع عنها، والتضحية من أجلها وهو خيار الطبقة العاملة لأنها وطنية.