بصراحة: الأجور بين أخذ ورد؟
هل الأجور هي مشكلة اقتصادية كما ينظر لها أمراء الاقتصاد، أم مشكلة في الاقتصاد وطريقة عمل المنظومة الاقتصادية السائدة الممانعة لحلها حلاً عادلاً، يعبر عن المصالح الحقيقية للطبقة العاملة، باعتبارها هي منتجة الثروة.
هل الأجور هي مشكلة اقتصادية كما ينظر لها أمراء الاقتصاد، أم مشكلة في الاقتصاد وطريقة عمل المنظومة الاقتصادية السائدة الممانعة لحلها حلاً عادلاً، يعبر عن المصالح الحقيقية للطبقة العاملة، باعتبارها هي منتجة الثروة.
هل قرار الحكومة الأخير بالطلب من وزارتي الصناعة والأشغال العامة والإسكان، إيقاف عمل الشركات «الخاسرة»كان مفاجئاً ؟
مؤشرات البدء بالحل السياسي للأزمة السورية أخذت تتوضح معالمها الأساسية دولياً وإقليمياً ومحلياً، وهذا يعني: أن القوى السياسية المعنية بالحل السياسي كمخرج لا بديل عنه، ستطرح على طاولة الحوار القادم رؤاها وبرامجها السياسية والاقتصادية التي ستحدد توجهاتها القادمة.
كان القاسم المشترك لمداخلات أعضاء مجلس الاتحاد العام الذي انعقد مؤخراً بحضور الحكومة، هو الوضع المعيشي للطبقة العاملة المتدهور ارتباطا بارتفاع الأسعار، وعدم قدرة الأجور على مجاراتها لا من قريب ولا من بعيد، والحكومة كمستمع جيد لتلك المداخلات بدليل رَدها المستفيض عليها، كانت لياقتها عالية وحاذقة في ردودها تجاه مطالب الكوادر النقابية بما يتعلق بزيادة الأجور، حيث ربطتها بزيادة الإنتاج، والأخيرة تحتاج إلى موارد، والموارد في جيوب أصحاب الرساميل، وأصحاب الرساميل حتى يفتحوا جيوبهم يطالبون بثمن «مغامرتهم» والثمن المطلوب قد يكون باهضاً وطنياً.
انعقد مجلس الاتحاد العام للنقابات بتاريخ 24-25/9/2017 بحضور وفد من الوزراء بما فيهم رئيس الوزارة، وهذا الحضور أصبح تقليداً من تقاليد العمل النقابي تطبيقاً للمقولة التي تقول «نحن والحكومة شركاء» ولكن مجريات الاجتماع تظهر كماً كبيراً من افتراق وجهات النظر بين الحكومة والكوادر النقابية أعضاء المجلس، بما يتعلق بحقوق العمال ومطالبهم وفي مقدمتها: حقهم في تحسين وضعهم المعيشي، بزيادة أجورهم زيادةً حقيقية تردم الهوة بين الأجور الحالية ومستوى الأسعار الذاهبة باتجاه الصعود طالما أن الحكومة ماضية بسياساتها أحادية الجانب لمزيد من الغنى للأغنياء ومزيد من الفقر للفقراء.
أزمة الأجور وارتباطها بالمستوى المعيشي المتدني للطبقة العاملة السورية، هي أزمة ضاغطة على الحركة النقابية والعمال، آثارها الاجتماعية والاقتصادية ملموسة للجميع، ولا تحتاج إلى الكثير من الجهد والتعب البحثي الذي تغرق به الحكومة وبعض الأوساط الأكاديمية العاملة في المجال الاقتصادي لكي تجد الحلول المطلوبة، وهنا لا نقلل من أهمية البحث العلمي فهو مطلوب في الأوقات كلها وفي المجالات كلها، ولكن هنا تستخدم الأبحاث من أجل تقديم ما يلزم من تبرير للحكومة لتأخير أو تأجيل عملية رفع الأجور بما يتناسب مع وسطي المعيشة للطبقة العاملة، التي تحتاج للوصول إليها إلى سبعة أو ثمانية أضعاف الأجور الحالية، فكيف السبيل إلى ذلك؟
نموهم يدمر حياتنا.. النضال والهجوم المضاد خيارنا الوحيد، هذا الشعار الذي رفعته النقابات اليونانية داعيةً العمال إلى الاحتجاج على سياسات الحكومة المناهضة لحقوق العمال، والمبنية على اقتطاع المزيد من الضرائب ومنع الإضراب، وبالأمس القريب دعت كبرى النقابات الفرنسية العمال للإضرابات احتجاجاً على قانون العمل الذي طرح في زمن الرئيس الفرنسي السابق «هولاند» وجدد طرحه مع بعض التعديلات عليه في زمن الرئيس الحالي «ميكرون»
العمل النقابي يتجه بمعظمه منذ عقود نحو عمال قطاع الدولة، الذين ازداد عددهم مع فورة التأميمات التي جرت في نهاية الخمسينات وبداية الستينات، وكذلك مع جملة المشاريع الإنتاجية والخدمية المنشأة بعد تلك المرحلة.
وناقوس الحرمان من التدفئة يدق أبواب الفقراء والمحرومين وأبناء السبيل، كما هو جارٍ في أعوام الأزمة كلها، حيث يجري البحث عن أيسر الطرق من أجل تأمين تلك المادة اللعينة المسماة بـ «المازوت» ولكن هناك المعيقات التي تحول دون تحقيق تلك الأمنية الغالية على القلوب، ليس ترفعاً من قبلنا ولكن بسبب ضيق اليد التي تجعلنا غير قادرين على الوصول إلى مراكز توزيعها لننعم بدفئها، ولكن هيهات منا الوصول.
في المؤتمر السادس عشر لاتحاد نقابات العمال العالمي، طرح شعار في غاية الأهمية من حيث المحتوى والمضمون « أيها العمال ثوروا ضد الرأسمالية الهمجية من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، وعالم خال من الاستغلال» وهو يتوجه بشكل دقيق إلى الطبقة الأكثر ثورية في العالم، والتي لها مصلحة في مواجهة الهيمنة الرأسمالية لتناقضها الأساسي مع الرأسمالية، وهذا التناقض الأبدي بين الرأسمال والعمل، والذي لا يزول إلا بزوال الرأسمالية كنظام استغلالي ينهب فائض القيمة الذي تخلقه الطبقة العاملة بجهدها وعرقها ودمها.