القابضون على الجمر... محكومون بالانتصار
المؤشرات السياسية على الأرض تنبئ بوجود حلول سياسية للأزمة السورية، والتبدل في مواقف الأطراف المختلفة الدولية والإقليمية والمحلية التي لها علاقة بالأزمة السورية، ومن ضمنها المعارضة المتشددة الرافعة لشعار عدم الحوار، إلا بشروط مسبقة من ضمن تلك المؤشرات.
مرحلة جديدة..صراع جديد
هذا يعني أن مرحلة جديدة من الصراع ستبدأ الأساس فيها الطاولة المستديرة التي سيطرح عليها كل طرف ما لديه من الأفكار والتوجهات والبرامج المعبرة سياسياً وطبقياً ووطنياً عما ستكون عليه سورية القادمة، وبالتالي سيتم تحشيد القوى بهذا الاتجاه، وهذا العمل خاضع بالنهاية لموازين القوى التي تشكلت على الأرض، والاصطفافات التي جرت خلال الأزمة داخلياً وخارجياً، وهي من ستحدد مستقبل سورية القادمة المرهون مستقبلها بخيارين أساسيين:
إما أن تكون سورية مستقلة بقرارها السياسي والاقتصادي، ومحافظة على وحدتها الوطنية والجغرافية، وهذا يعني أن تكون ديمقراطية مقاومه للمشاريع والقوى الاستعمارية، وفي مقدمتها العدو الصهيوني.
أو تكون سورية في المقلب الآخر، وهذا يتصادم مع إرادة ومصالح الشعب السوري وتاريخه الوطني المعادي للمشاريع والأحلاف الاستعمارية من كل شاكلة ولون.
مقدمات الانتصار
إن مقدمات الانتصار في الصراع السياسي القادم على القوى المتشددة في الطرفين التي لها مصلحة حقيقية في إدامة الأزمة واستمرار نزيف الدم السوري، يعتمد على الدور الذي ستلعبه القوى الوطنية من أحزاب ومنظمات مجتمعية ونقابات عمالية ومهنية في خلق موازين القوى الكافية والقادرة على التصدي لما هو مرسوم لسورية القادمة، حيث يجري الإعداد منذ فترة ليست بالقصيرة لليوم الأول لما بعد الأزمة من برامج ودراسات اقتصادية واجتماعية تعكس إلى حد بعيد ما يرسم لسورية وللشعب السوري، خاصةً الفقراء منهم ويمكن أن ندلل على ما نقول، من فقرة جاءت في متن دراسة اقتصادية قدمتها مجموعة دارسة تحت اسم «دائرة التنمية الاقتصادية-أبوظبي»:
«في ظل سورية الجديدة، فإن المبدأ المعتمد من الثوار هو المحافظة على الإمكانات والبناء على ما أنجزته أيدي السوريين، ولكن على أن يكون القطاع الخاص هو محور العملية التنموية، وقائدها».
ما أنجزته أيدي السوريين المقصود بها ما تم إنجازه من خلال تبني السياسات الليبرالية الاقتصادية ونتائجها وهي معروفة للقاصي والداني، وشعبنا السوري يعاني الويلات من تطبيقاتها الجهنمية تحت شعارات مختلفة منها توزيع الدعم لمستحقيه؟
توافق أصحاب المصلحة!
أيها السادة ألا نلاحظ حجم التوافقات بين الطرح الاقتصادي السابق وبين ما يجري ترويجه الآن من مشاريع تعزز دور الليبرالية الاقتصادية وتبعد المصالح الحقيقية ل90% من الشعب السوري المكتوي بنار الأزمة؟ أي: إن كلا التوجهين في الطرفين يعملان على إعادة انتاج الأزمة وفقاً لما يتبنياه من سياسات تؤدي في نهاية المطاف لتقاسم الثروة وإعادة مركزتها.
إن الفقر والبطالة ومدن العشوائيات وتراجع الإنتاج الحقيقي، وتعزيز الاتجاه نحو الاقتصاد الريعي، وتدني مستوى الأجور الحقيقية والاسمية، وارتفاع الأسعار الفاحش...الخ. هذه خارطة الطريق لسورية، التي عملت على تطبيقها قوى الرأسمال وقوى الفساد في مراحل ما قبل الأزمة، ويُعمل على استكمالها وستكون على طاولة الحوار القادم لليوم الأول لما بعد الأزمة، كما تؤكد على ذلك دراساتهم المشرف على إعدادها المراكز المالية الغربية«منظمة الأسكوا، وصندوق النقد الدولي....»، ومراكز الأبحاث التابعة لها لتكون مكملة لما يطرح سياسياً من الحلول التي محصلتها تقاسم الغنائم بين قوى الفساد في الخارج والداخل مع تغيير في الحصص وفقاً لوزن كل طرف.
تلازم المعركتين..التغيير والتحرير
إن المعركة السياسية قد تكون ضراوتها أشد من ضراوة المعارك العسكرية، بسبب علاقتها بالمصالح العميقة للشعب السوري السياسية والاقتصادية، ولخوضها يتطلب من القوى الوطنية، وفي مقدمتها الحركة النقابية والطبقة العاملة السورية تحشيد القوى المجتمعية، وتنظيمها تنظيماً يمكنها من خوض المعركة بنجاح سياسياً ووطنياً، والطبقة العاملة السورية يقع على عاتقها قيادة عملية التغيير الجذري لما تحمله من عناصر أساسية تمكنها من خوض المعركة إلى نهاياتها، إلى جانب كل القوى الوطنية التى لها مصلحة في عملية التغيير الجذري، وهذا يأتي في سياق التحضير الشعبي الواسع لخوض معركة تحرير الأراضي السورية المحتلة وفي مقدمتها الجولان.
الشعب السوري محكوم بالانتصار ولا خيار آخر غير الانتصار.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 823