منذ تأسيس أول نقابة عمالية منفصلة عن النقابات المشتركة مع أرباب العمل، كان الهاجس الأول للنقابيين الأوائل استقلال نقاباتهم في كل شؤونها، وهذه الاستقلالية كانت القاعدة المتينة التي استندوا عليها في تطوير نضالاتهم العمالية من أجل أجورهم، ومن أجل ثماني ساعات عمل، ومن أجل تأمين شيخوختهم. فخاضوا نضالاتهم تلك انطلاقاً من وعيهم لمصالحهم الأولية التي تشكلت بفعل التجربة المريرة التي عاشها العمال قبل هذه المرحلة (الاستقلالية)، والتي تطور فيها هذا الوعي بعد تلك المرحلة بفعل عوامل عدة، وأهمها تطور الصناعة من الحرفة اليدوية إلى الآلة، ودخول قوى وأفكار جديدة سلحتهم ببرامج، وكانت على رأس نضالاتهم بمختلف مراحلها، حيث ساهمت تلك العوامل مجتمعة بالانتقال إلى مراحل نضالية متقدمة، مثل الإضرابات والاعتصامات العمالية الشاملة التي كانت تحدث في كل المدن الصناعية، والتي لعب فيها المناضلون الشيوعيون الأوائل دوراً ريادياً في قيادتها وتحقيق الوحدة العمالية، وخلق أشكال مختلفة من التضامن فيما بين العمال المضربين، فإذا أضرب عمال حمص تكونت صناديق المساعدة من تبرعات عمال دمشق وحلب لدعم ذاك الإضراب مهما طال أمده، وبهذا تكون التكافل والتضامن بين أبناء الطبقة العاملة السورية، وأصبحوا قوة وطنية أساسيه تناضل ليس من أجل حقوقها فقط، بل من أجل الدفاع عن الوطن أيضاً.