بصراحة ... هل تحسب النقابات للمرحلة القادمة؟
يشتد الوضع المعيشي على العمال وعموم الفقراء تأزماً، مع اشتداد درجة الاستغلال المرافقة بالغالب لتغيرات سعر الصرف الماراثونية ومعها تتغير الأسعار أيضاً، ومع تغيُّر الأسعار تتغير أحوال الناس وأوضاعهم لجهة أنهم يعيدون النظر بمجمل أولوياتهم مما يحتاجونه من أساسيات تمكنهم من الاستمرار والبقاء.
الحكومة أمام هذا الواقع الذي أصبح على شفير الهاوية ويشير لكوارث اجتماعية وإنسانية، حيث تدلي الحكومة بدلوها الذي اعتاد عليه الناس، وهي تصريحات إعلامية مع بعض الإجراءات الشكلية التي لا تغيِّر من واقع الحال الذي نعيشه شيئاً، وعلى سبيل المثال طرحت مؤخراً لموظفي الدولة شراء مستلزماتهم الغذائية بوساطة قروض كحل من الحلول التي تفتق عنها الذهن الحكومي، وهذا مخرج للحكومة- كما تعتقد- من مأزقها تجاه المتطلبات والمطالبات المتكررة بضرورة تحسين الوضع المعيشي، وطرحت أيضاً نشرة يومية للأسعار، وتوعَّدت البائعين بأنها ستعاقب كل من يخالفها بإجراءات صارمة، في الوقت نفسه الحكومة تشيد بموقف التجار ويقول أحد أركانها بأنهم على حق بلقائه معهم، مع العلم أن الذي يحدد الأسعار في الأسواق ليس تلك النشرة السعرية، بل من يتحكم بطرح البضائع في الأسواق، ومن يجلبها من الخارج وفقاً لسعر الصرف المتغيِّر والعمولات الكبيرة التي تؤمن أعلى نسبة ربح على حساب المستهلك الذي لا حول له ولا قوه في تعامله مع سياسة الأسعار سياسة الأمر الواقع.
إن التصريحات المتكررة المرافقة لجملة الإجراءات تلك من الحكومة وخبرائها لم تعد تقنع لا الصغير ولا المقمّط بالسرير، وتعكس حجم العجز الحكومي في إيجاد حلول حقيقية لتقدمها للشعب السوري من أجل تحسين مستوى معيشته وإخراجه من دوامة العنف المعيشي المطبقة عليه، والسبب المباشر للمأزق الكبير الذي تعيش فيه هو سياساتها الاقتصادية والاجتماعية التي تسير بها، والتي استنفذت إمكاناتها جرَّاء عمليات النهب الكبيرة للثروة التي ينتجها أصحاب الأجور والفلاحون والحرفيون وغيرهم من الشرائح والطبقات التي تئِن اليوم تحت ضغط وضعها المعيشي.
إن أوضاع العمال ومستوى حياتهم المعيشية كحال فقراء شعبنا التي يزداد فيها وضعهم المعيشي سوءاً لا تحتاج إلى حلول ترقيعية لتغييرها، كما هو حاصل الآن، وتجربة النقابات والعمال مع الحكومة خلال الدورة الانتخابية التي انتهت والدورة الحالية تقول بعدم جدوى الوسائل المتبعة في الدفاع عن حقوق ومطالب العمال، وخاصة أجورهم التي تمت زيادتها مؤخراً والمنح المتكررة، حيث تآكلت قبل أن يستلمها العمال، تلك الزيادة التي لا تؤمن للعمال تحسناً في معيشتهم بما يتناسب مع الأسعار الفاحشة التي سببتها الحكومية بسياساتها من خلال تخلِّيها عن مهامّها الدستورية في تسليم مفاتيح الاقتصاد، وخاصة القضايا الأساس المرتبطة بالأمن الغذائي لمن لا هم لهم سوى تكديس المليارات على حساب فقراء الشعب و«الغلابى» منه.
إذاً التجربة تقول ذلك، فما العمل ونحن أمام أوضاع تزداد في شراستها تجاه الفقراء وأمام تطورات اقتصادية واجتماعية وسياسية تؤثر من حيث نتائجها على مجمل الوضع الذي نعيشه، بل وعلى أشياء أخرى أخطر؟ عند جهينة الخبر اليقين.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1022