بصراحة دعم الأجور ممكن؟

ليس أحد هنا أو هناك يختلف بأن الأجور التي يتقاضاها العمال هي ليست كافية لسد حاجاتهم الأساسية، وأن هناك ضرورة لإيجاد طريقة، أو عدة طرق يمكن دعم الأجور فيها، لكي تتوازن إلى حد ما مع تكاليف المعيشة، التي باتت محلقة في السماء، وتحتاج إلى قدرات هائلة من أجل إنزالها إلى الأرض، ولكن من ينزلها كما هو مفترض؟

في إطار المقترحات التي يمكن أن تكون فعالة في دعمها للأجور هي السلة الغذائية ضمن تكاليف الحد الأدنى، وهي ممكنة التحقق إذا ما جرى تبنيها الفعلي والعملي.
وهذا المقترح جرى طرحه مراراً وتكراراً في المؤتمرات السابقة، استنادا لرؤية النقابات في تقديم بعض الحلول العملية للتخفيف عن العمال أعباء الحياة، وانخفاض مستوى معيشتهم بسبب تدني الأجور، وعدم قدرتها على مجاراة الأسعار المتحكم بها بقوة رغم كل الدعاية، والإعلام الحكومي الذي يحاول أن يرش الملح على الجرح، بأن الحكومة عازمة على الإمساك بتلابيب الأسعار وجرها إلى مستوى أجور العمال، والأخيرين لم يروا طحناً، ولكن الذي رأوه زوبعة في فنجان لم تؤدِ إلا إلى المزيد من ارتفاع الأسعار، وآخرها كان ارتفاع أجور النقل لخطوط الأرياف، حيث يقطن العمال والفقراء بمعظمهم.
إن الحديث الدائم عن حصول تضخم، سيستفيد منه التجار والمحتكرين في حال أقدمت الحكومة على زيادة الأجور، ما هو إلاَ ذر للرماد في العيون ويظهر بطلان الرسائل التي يرسلها الوزراء عبر نشاطهم الإعلامي اليومي: بأنهم يعملون على التحكم بالأسعار، والمطلوب من العمال والفقراء عموماً انتظار النتائج، والنتائج بالنسبة لنا واضحة كل يوم مزيد من ارتفاع الأسعار، ومزيد من تحكم التجار والمحتكرين بقُوتنا اليومي، ومزيد من التضخم، فكيف سيقنعوننا بعكس ذلك؟
هنا يأتي دور نقابات العمال، التي طرحت منذ البداية هذا الشكل من الدعم، ولم تمض به من أجل أن يتحقق، والآن من المفترض أن تدفع باتجاه تحقيقه، وهذا ممكن وله انعكاس إيجابي باتجاهات عدة، منها: تشغيل يد عاملة في التحضير والتجهيز للسلة، ومنها: استهلاك مواد أولية مضمونة المنشأ، والجانب الأهم، هو: تقديم مواد ضرورية وأساسية للعمال توفر جزءاً مهماً من الأجر.
إن المضي بهذا المشروع الوطني من قبل النقابات، يعني: كسر جزء من الاحتكار المتحكم بمستوى معيشة العمال، وتخفيف العبء الواقع على أجورهم.