صرف عمال القطاع الخاص لأتفه الأسباب!

ما يزال عمال القطاع الخاص عرضةً لجميع أنواع التعسف الذي يمارسه أرباب العمل ضدهم بمناسبة وبغير مناسبة، وأسوأ أنواع الاضطهاد اليومي الذي يتعرضون له هو الطرد من العمل لأسباب غالباً لا تعدو كونها ذريعة لحرمانهم من حقهم في العمل.

فكم سمعنا من حوادث ما أنزل الله بها من سلطان عن صرف هؤلاء العمال لأسباب واهية، منها على سبيل المثال لا الحصر؛ أن يتذرع رب العمل بتأخر العامل عن موعده الصباحي، أو أنه يكثر من طلب الإجازات، أو أنه كثير المرض، أو كثير التطلب وغيرها الكثير..
وفي ظلّ غياب كل أشكال الضمانات التي أقرتها القوانين الدولية لحماية هذا العامل من البطالة والتشرد إلا أن معظم العمال السوريين العاملين في القطاع الخاص ما يزالون دون حماية، ودور الاتحاد العام لنقابات العمال في هذا الخصوص ما يزال محدوداً ودون المستوى المطلوب، فحتى هذه اللحظة تبقى النسبة الكبرى من هؤلاء العمال غير منتظمة في نقابة تحميهم من جور أرباب عملهم وتضمن لهم حقوقهم المشروعة في جميع القضايا المرتبطة بالعمل كالتأمينات الاجتماعية، والضمان الصحي، والعطل السنوية، والزيادة الدورية في الأجور، وحق الإضراب وحق تشكيل اللجان النقابية، وحق تحسين الوضع والتثبيت والحصول على عقد منصف أثناء التعاقد في الشركات والمؤسسات والمعامل الخاصة.
وقد علمت «قاسيون» مؤخراً أن اثنين من العاملين في أحد المراكز التجارية الكبرى في العاصمة، قد تم صرفهما من العمل مع عدم إعطائهم أية تعويضات بسبب وقوع علبة مياه غازية من أحد رفوف العرض، كما نمي إلينا أن إحدى العاملات في ورشة خياطة صغيرة اضطرت لترك العمل الذي تعتاش منه وتحتاج إليه بشدة هرباً من التحرش الدائم لرب العمل بها، وهذا دفعها للتخلي عن جميع حقوقها حفاظاً على شرفها.
أما في إحدى المشافي الخاصة الكبرى، فقد طردت إحدى ممرضات الوردية الليلية المشهود لها بالكفاءة، والحجة كانت نومها أثناء ساعات العمل التي تستمر عشر ساعات متواصلة، علماً أن هذه الذريعة لم ترتكز إلا لوشايات مغرضة اختلقها أحد المدراء بإيعاز من رب العمل نفسه.
هذا غيض من فيض ما يحدث في الكثير من مواقع عمل القطاع الخاص، والأمثلة المذكورة أعلاه ما هي إلا نماذج سقناها لكي نذكر أصحاب العلاقة بأن حقوق العمال باتت مستباحة بصورة كبيرة جداً، والخطير أنه يتوقع لهذه الممارسات أن تزداد اتساعاً طالما أن من بيدهم الإنصاف والعدل يغطون في سبات عميق، وآخر همهم الانتصار لمصالح العمال وأسرهم الفقيرة..
فإلى متى يستمر هذا الواقع الأسود؟!.