شركة «راماك» تسرح عدداً من عمالها

يقول المثل الشعبي: (يافرعون مين فرعنك، قال: ما في حدا يردني) هذا حال الكثيرين من أرباب العمل الذين يجدون في استغلال العمال وهضم حقوقهم وابتلاع جزء من أجورهم أمراً يسيراً لا يكلف سوى جرة قلم، أو كلمة ينطقون بها، لتصبح حقوق  العمال في مهب الريح. لم لا؟ وكل الظروف التي تجعلهم متحكمين برقاب العباد وأرزاقهم مهيأة، وتتيح لهم القيام بفعلهم الجائر هذا بحق العمال، وهم يعلمون مسبقاً أن لا أحد سيحاسبهم على أفعالهم وسلوكهم. أي أنهم خارج دائرة المساءلة حتى لو كان فعلهم مخالفاً للقانون.

وفقاً لذلك فإن هناك الألوف من عمال البناء، الذين يعملون بأجور يومية زهيدة غير متناسبة مع الغلاء الفاحش في الأسعار، ولا مع طبيعة العمل الشاق لمهنة البناء، حيث يتعرضون لمخاطر حقيقية تؤدي حوادثها إلى الموت أو إلى العاهة الدائمة.. مثل نجاري الباطون، والطينة، وبنائي الحجر، والأعمال الكهربائية، وغيرها من المهن التي تدخل في نظام مهنة البناء.

هؤلاء العمال محرومون من كل أشكال الحماية (المهنية أو الاجتماعية)، فأجورهم يحددها قانون العرض والطلب في السوق، ولا يشملهم الحد الأدنى من الأجور، وكذلك فإن قانون التأمينات لا يشملهم حيث ينتقلون من ورشة إلى أخرى حتى لو كانوا يعملون عند رب عمل واحد في مشاريع متعددة كما هو حادث الآن في الشركات الإنشائية الخاصة التي أحدثت مؤخراً وفقاً لحمى الاستثمار السارية، مجتاحة الوطن من أقصاه إلى أقصاه.

إحدى هذه الشركات التي تمارس مهنة البناء شركة راماك، حيث تقيم مشروعاً في منطقة صحنايا، ومعظم عمالها من أبناء المنطقة الشرقية والجزيرة، الذين تركوا ديارهم مهاجرين إلى دمشق بحثاً عن عمل يؤمن لهم قوت يومهم مع عائلاتهم، بعد أن فقدوا كل إمكانية للبقاء في ديارهم وأراضيهم الزراعية بسبب تكاليف الزراعة المرتفعة التي سببها رفع الدعم عن المازوت وتحرير أسعار العديد من المواد الزراعية التي أرهقتهم ففضلوا الهجرة، والبحث عن عمل آخر في العاصمة، وهم في هذه الحاله كمن يستجير من الرمضاء بالنار.

قصة هؤلاء العمال مع هذه الشركة أن القائمين عليها طلبوا منهم العمل يوم الجمعة كما هو معتاد، ولكن هذه المرة طلبوا منهم العمل ساعتين إضافيتين مجاناًُ (على روح المرحوم) حيث استنكر العمال هذا الطلب، ورفض العديد منهم الانصياع لذلك، وانسحب الكثير منهم عائدين إلى بيوتهم.

لقد تضامن العمال مع بعضهم في هذا الموقف، وخاصة عمال الكهرباء، حيث حذروا الإدارة من تسريح العمال، وفي اليوم التالي منعت الإدارة العمال من الدخول إلى ورشات العمل، وقامت بالتحقيق معهم، حيث اتخذت قراراً بتسريح (ستة عمال)، وتخفيض أجرة عدد آخر بمقدار (50 ل.س).

ما نود أن نقوله بهذا الصدد: إن هذه الحادثة تتكرر في الكثير من المواقع، وستتكرر أيضاً في هذه الشركة، وهذا يستدعي من نقابة عمال البناء إيجاد الطرق الكفيلة بحماية حقوق هؤلاء العمال من خلال الاتصال بهم في مواقع عملهم، وتنسيبهم إلى النقابة، وكذلك إيجاد أشكال من الحماية المهنية والتأمينية لهم، وهذا دور مؤسسة التأمينات الاجتماعية التي من مهمتها حماية هؤلاء العمال والتأمين عليهم ضد مخاطر المهنة، وضد تعسف أرباب العمل.

آخر تعديل على الخميس, 18 آب/أغسطس 2016 13:00