الحرفيون بين سندان الضرائب والرسوم ومطرقة سوء الدخل

يضم اتحاد الجمعيات الحرفية في محافظة طرطوس 17 جمعية حرفية، وحوالي 10 آلاف منشأة اقتصادية صغيرة ومتوسطة منتشرة في جميع أنحاء المحافظة، ويشكلون قوة اقتصادية مساندة لا يستهان بقدرتها لمساهمتها في بناء الاقتصاد الوطني، وتساهم في تشغيل جزء كبير من الأيدي العاملة، حيث يقدر عدد العاملين في نطاق المنشآت الحرفية بحوالي 30 ألف بين حرفي وعامل. وقسم من هذه المنشآت بحاجة إلى تأمين سوق خارجية لتصريف إنتاجها، كصناعة زيت الزيتون وصناعة الألبسة وصناعة السفن التي تميَّز حرفيو طرطوس بتصنيعها.

وبالرغم من أن عدد الحرفيين الذين يمارسون الحرفة في مكان العمل يفوق الـ25 ألف حرفي، إلا أن المنتسبين إلى الاتحاد حتى نهاية عام 2009 بلغ /6437/ حرفياً فقط. والقسم الأعظم من هذا الرقم لا يلتزم بدفع الاشتراكات السنوية، وغير مشترك في صندوق المساعدة الاجتماعية. بالرغم من أن الاتحاد على قلة موارده وضعف خدماته يبقى كضمان المستقبل الحرفي في حده الأدنى، على أمل دعم الاتحاد بتشريعات وقوانين تواكب العصر وتقدر الجهد الكبير الذي تقدمه هذه الفئة التي تعمل منذ مطلع الصباح حتى ساعة متأخرة من الليل. 

المؤتمر السنوي:

بالرغم من تغيب عدد لا بأس به من الحرفيين، ومغادرة قسم منهم القاعة عقب انتهاء الافتتاح وبدء جلسة المناقشة، إلا أن المؤتمر السنوي لاتحاد حرفيي طرطوس اتسم بنقاش حاد وطويل، وعكست المداخلات المقدمة من الأخوة الحرفيين همومهم وقلة الدخل ومشاكل العمل، إضافة إلى القرارات العشوائية وغير المدروسة. وقدمت قائمة طويلة من المعاناة المتكررة عاماً بعد عام، مع العلم أن القسم الأكبر منها لم يجد له طريقاً للحل من الجهات المعنية بل ازداد صعوبة وتعقيداً. فمثلاً تحدث ممثل حرفة الالكترونيات عن رسوم النظافة التي تبلغ خمسة آلاف ليرة سنوياً، وخاصةً أن الحرفي هو من يقوم بأعمال النظافة وترحيل النفايات الصلبة على نفقته لأن عمال التنظيفات لا يسمح لهم بنقل هذه النفايات حسب ما يدعون. وخاصة المحلات التي تقع في أطراف المدينة، والمفارقة أن هذه المحلات تتساوى في رسوم النظافة مع المحلات التي تقع في مركز سوق المدينة، مع أن دخلها يفوق دخل المحلات السابقة بعشرة أضعاف.

وطلب الحرفيون بمساعدة البلدية لهم حيث كل حرفي لا يعلق الشهادة الحرفية في منشأته لا يعتبر قد أتم شروط الترخيص. وتساءل بعضهم عن المفارقة مع رسوم نقابة المهندسين التي تقدر بين عشرات ومئات الآلاف، وقد تتجاوز المليون في المنشآت العمرانية الكبيرة نتيجة تصديق المخططات، وأحيانا لا يعرفون موقع المنشأة، في حين كل هذه المنشآت تشيد على أكتاف الحرفيين منذ بداية الحفر حتى الإكساء الأخير، وكثيراً ما تتعرض حياة الحرفي للخطر وقد يفقد حياته في هذه المنشاة. فلماذا لا تجبى رسوم لصالح صندوق اتحاد الحرفيين؟

أصحاب المقالع تحدثوا عن قرار إغلاق منشآتهم دون تأمين بديل، وهذا سيعرض عشرات العائلات للخطر لفقدان أربابها فرصة عملهم. واللجان المشكلة لدراسة وضع المقالع غير ممثلة بعضو من الجمعية أو من الاتحاد. إذاً على أي أساس فني ستحكم هذه اللجنة؟

ممثل المجازين (متعقبو المعاملات) تحدث عن هموم المعقبين في دوائر الدولة، وعن القانون 41 وكم هو جائر بحق المواطن الفقير، حيث يتساوى العقار عند البيع عن سنوات التملك سواء كانت قيمته أقل من مليون ليرة، أو من 50 إلى 60 مليون ليرة، وسيدفع صاحبه  للمالية ما يتجاوز 200 ألف ليرة. وتحدث الجميع عن الفرق الشاسع بين الضريبة والرسوم التي تجبى من الحرفيين والدخل الذي بدأ يتضاءل إلى أن وصل قسم كبير من الحرفيين إلى حافة الفقر والعوز.

وطالب أصحاب معاصر الزيتون بأن يصنف الزيتون كمحصول استراتيجي وعدم استيراد الزيت وخاصة أن قسماً منه مشبوه المصدر والنوعية. وتعددت المطالب برفع سقف الفاتورة الطبية، وإنشاء صندوق التكافل الاجتماعي الذي يرعى الشيخوخة والتقاعد ، وتمثيل الحرفيين في اللجان التخمينية ، والبحث عن مصادر تمويل للصندوق كبقية النقابات المهنية أو غيرها.

تم الحديث عن معاناة المنطقة الصناعية، وسوء الخدمات ووضع شبكة الكهرباء السيئ وسوء الطرق في قسم منها، والحاجة الماسة لتأمين مركز إطفاء فيها. والمفارقة الغريبة قرار مجلس مدينة طرطوس الذي يلزم كل حرفي يريد تغيير مهنته أو ترخيصه بدفع 500 ليرة عن كل متر مربع من مساحة العقار، وبالتالي سيدفع الحرفي عند ذلك أكثر من 200 ألف ليرة.