نزار عادلة نزار عادلة

القطاع العام محاصر... والحركة النقابية تستغيث

اختلطت القضايا المطلبية بالقضايا الاقتصادية في مؤتمرات الحركة النقابية السورية، وإذا كانت المؤتمرات أكدت على تقليص الخدمات الاجتماعية بعد تطبيق اقتصاد السوق إلى الحدود الدنيا، كتآكل الأجور والانتقاص من الحوافز والتعويضات وغلاء المعيشة والبطالة، فإن الهاجس الأول كان القطاع العام المحاصر والمخسر، وقد أكدت المؤتمرات على إصلاح هذا القطاع منذ عدة سنوات، حيث قدم  محمد سوتل رئيس نقابة الصناعات الكيماوية في حماة مداخلة هامة لخص فيها واقع أبرز شركة إستراتيجية هامة في سورية تتعرض إلى الخسائر سنوياً بمئات الملايين بعد أن كانت رابحة قبل سنوات، ونص المداخلة يشرح واقع القطاع العام من خلال الشركة العامة للإطارات بشكل دقيق:

«منذ عام 1991 والشركة تعمل على تطوير خطوط الإنتاج واستقدام تكنولوجيا جديدة تساير التطور الحاصل في هذه الصناعة بشكل مستمر ومتصاعد، وهناك عشرات الإعلانات العامة والجزئية، فلم تنجح أي منها إلا بشكل جزئي طفيف لأسباب عدة لا مجال لذكرها.

اللجنة الاقتصادية وباقتراح من وزير الصناعة أقرت توصية بتخصيص شركة الإطارات بمبلغ  يتراوح بين /5 ـ 7/ مليون يورو لتأهيل خطوط الإنتاج، ورغم أن هذا المبلغ المقترح من إدارة الشركة منذ عام 2007 إلا أنه لا يكفي لتأهيل خطوط قسم الخلطة الثلاثة، وتأهيل وتطوير خطوط الإنتاج يحتاج إلى أكثر من /100/ مائة مليون دولار حسب مؤشرات العرض الصيني لشركة بلوستار بداية عام 2008.

إضافة إلى ضرورة إيجاد نص قانوني ناظم للشراكة ما بين العام والخاص، وعدم ترك هذا الموضوع للاجتهادات والآراء والأهواء الشخصية.

وهنا لنا سؤال موجه إلى من بيده القرار الاقتصادي: إلى أي حد يجب أن تخسر الشركة أو المؤسسة كي يعاد النظر بأدائها أو تعالج أسباب خسائرها؟!!

لابد لاستمرار العملية الإنتاجية بالحد الأدنى من تخصيص مبلغ لدورة تشغيل لستة أشهر، وهذا المبلغ لا يقل عن /400/ مليون ليرة سورية قيمة مواد أولية كفاية ستة أشهر لفتح اعتمادات مرة واحدة لكل مادة، ومبررات ذلك عديدة:

1 - إنها ستكون كميات من مصدر واحد ومتجانسة.

2 - ستكون بالتأكيد بأسعار معقولة عندما تكون الكميات كبيرة.

3 -  ستشكل استقراراً بالعملية الإنتاجية.

4 - تفرغ الإدارة للقضايا الأخرى (النوعية، التسويق، وقضية التأهيل والتطوير).

5 - كف يد العارضين المحليين وفرض شروطهم وأسعارهم.

وحتى الآن لم تكن المعالجة بحجم المعاناة وخسائر الشركة، فنحن لا نريد قروضاً كي نستهلكها رواتب، بل نحن نريد تمويل شراء مواد أولية لدورة تشغيل ستة أشهر، ومحاسبة القائمين على الإدارة في حال عدم رد هذا القرض، لأن المطلوب في هذه الحال التشغيل الأمثل والاستغلال الكامل للطاقات وتحقيق الربح.

أما في حال بقي التمويل وتخصيص القطع لإنتاج خطة بالحد الأدنى وصرف رواتب للعاملين فإن هذا لن يؤدي إلا إلى استمرار مسلسل الخسائر إلى ما لا نهاية، ويبقى الدعم المالي لهذه الشركة مطلباً اقتصادياً واجتماعياً، ومبررات بقاء هذه الصناعة مازالت موجودة ومشروعة وأهمها:

1. خلق التوازن بالأسعار في سوق الإطارات.

2. بقاء هذه الصناعة كنواة لصناعة كيميائية متقدمة ومتطورة، ويمكن أن تكون مركز أبحاث يرفد جامعاتنا بكثير من الدراسات العملية والمخبرية.

ورغم أهمية وضرورة الدعم المالي لهذه الشركة كغاية وهدف اقتصادي أولاً واجتماعي ثانياً، فإنه لن يكون مجدياً ما لم يعد النظر بالأدوات والآليات التي تحكم العمل أو العملية الإنتاجية والتسويقية، وتحديد معوقات ومقومات نجاح وإعادة الحياة لهذه الشركة.

هل في الفريق الاقتصادي من يستمع إلى مقترحاتنا وينظر في الحال التي وصلت إليه هذه الشركة؟

وزير الصناعة وخلال زيارته إلى الشركة بداية عام 2009 توصل إلى قناعة بضرورة تعديل القانون /51/ لعام 2001 الناظم لاعتماد وكلاء محليين لكل مادة أولية مستوردة، وهذا القانون يحمل صناعة الإطارات تكاليف إضافية إلى أكثر من /15%/، وكذلك يؤدي أحياناً إلى عزوف الكثير من الشركات العالمية عن اعتماد وكيل محلي حين يبيع كمية لمرة واحدة أو كميات قليلة، وهذا ما سبب الكثير من العراقيل لشركة الإطارات والشركات العارضة.

ورغم تدخل اتحاد العمال عبر أكثر من مذكرة، فإن المطلب مازال تعديل هذا القانون أو استثناء شركة الإطارات من أحكامه.