عادل ياسين عادل ياسين

بصراحة: الجدل مازال مستمراً حول قانون العمل /17/

قانون العمل مازال مثار جدل ونقاش في مختلف الأوساط، رغم إقراره في مجلس الشعب وفقاً لصيغته الأخيرة وصدوره تحت اسم القانون رقم /17/ ، ومرد هذا الجدل الدائر أن هذا القانون هو في نهاية المطاف تعبير عن مصالح الأطراف التي لها علاقة بتطبيقه وفقاً لموازين القوى التي دفعت لإقراره كما هو، أو القوى الأخرى التي رفضت جزءاً أساسياً من مواده باعتباره يتعارض مع مصالح من سيطبق بحقهم هذا القانون وفقاً لموازين القوى السائدة أيضاً.

إذاً من يقرر المصالح بالنهاية هي موازين القوى التي يسعى كل طرف من الأطراف إلى التعبير عنها بالشكل القانوني الذي تم لتحقيقها، وما جرى بإقرار هذا القانون أن الطبقة العاملة السورية، رغم كل إمكانياتها، لم يستطع ممثلوها المفترضون (النقابيون منهم والسياسيون) أن يسقطوا تلك المواد التي جاءت في نص القانون، والتي تتعارض مع مصالح العمال وحقوقهم، والسبب بسيط وهو أن العمال مجردون من أسلحتهم الضرورية التي تمكنهم من الدفاع عن حقوقهم، والتي من خلالها يمكن أن يعدلوا موازين القوى السائدة لمصلحة إقرار قانون أكثر عدلاً وديمقراطية.

واللافت في أمر هذا القانون العتيد بعد صدوره توحد وجهات نظر كل الأطراف حول أهميته من حيث أنه حقق التوازن بين مصالح العمال وأرباب العمل، وأنه سيدفع الاستثمار الواقف على الأبواب انتظاراً لصدور مثل هذا القانون قدماً، لأن من كان يعرقل الاستثمار هو وجود قانون عمل متخلف لا يلبي طموحات المستثمرين ويجعلهم في حال خوف دائم على استثماراتهم!!

فقد جاء في مقابلة مع ممثلي أطراف الإنتاج الثلاثة (النقابات، الحكومة، أرباب العمل) توافقهم في المواقف إلى حد الانسجام حول أهمية هذا القانون وتلبيته لمصالح العمال.

ممثل عمال النقابات قال: «القانون استدرك سلبيات القانون القديمة وحافظ على حقوق العمال وصيانتها». ممثل غرف التجارة والصناعة قال: «القانون عصري ويضمن التوازن بين مصالح العمال وأرباب العمل». وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل قالت: «قانون العمل جاء استكمالاً للبنية التشريعية في سورية وضمن برنامج الإصلاح، حيث ينطلق القانون من منهجية خدمة الاقتصاد الوطني ليجعل الوظيفة الأساسية للعمل تحفيز الاستثمار من خلال الدور الفاعل للقطاع الخاص كشريك مساهم في عملية التنمية والتطوير».

والسؤال الذي لابد من طرحه: كيف ستتوازن مصالح من يملك قوة عمله فيبيعها في السوق وبين من يملك المال ليشتري تلك السلعة؟

أليس هذا هو قانون السوق المتوحش الذي يخضع كل شيء للمساومة تحقيقاً للأرباح بغض النظر عن الجانب الإنساني والأخلاقي اللذين لا يدخلان في عملية البيع والشراء الجارية وفقاً لهذا القانون، فالمهم هو إرضاء المستثمر المحلي والأجنبي وضمان حقوقه وبذلك يكون هذا القانون عصرياً ومتماشياً مع نهج «التطوير والتحديث» الذي تسير به الحكومة اقتصادياً واجتماعياً، حيث الصورة واضحة وأثار ذاك النهج بين على الاقتصاد الوطني برمته في القطاع العام وشركاته المخسرة والتي تسقط الواحدة تلو الأخرى، أو الكثير من شركات القطاع الخاص التي تغلق أبوابها لتسرح عمالها بفعل عدم قدرتها على المنافسة لارتفاع تكاليف إنتاجها، وبالتالي تكدس الإنتاج والخسارة المتلاحقة.

في الجانب الآخر الاجتماعي من نهج الحكومة التطويري كانت النتيجة أن ازدادت نسب من هم تحت خط الفقر، وازدادت أيضاً أعداد جيش العاطلين عن العمل، ولا يمكن أن ننسى ما حل بالصحة والتعليم والسكن والنقل... إلخ.

وما نود قوله في الختام إن الطبقة العاملة السورية قد خسرت جولة ولم تخسر المعركة بعد، لأن مفاعيل ذاك القانون وتطبيقاته ستنهض القوى الكامنة لدى الطبقة العاملة دفاعاً مصالحها وحقوقها مهما علت الأصوات حول عدالة هذا القانون غير العادل وغير المتوازن.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.