الزراعة في الرقة بين الخطة والأزمة
هل حققت الزراعة.. والخطط الزراعية في السنوات السابقة أهدافها في تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.؟!
من المسؤول عن تراجع الزراعة بشقيها النباتي والحيواني. ما هي انعكاسات الأزمة والحصار الاقتصادي على الزراعة.
جميعنا يعلم أن الزراعة في سورية بشقيها النباتي والحيواني هي العمود الفقري للاقتصاد السوري.. وهذا ليس جديداً. ففي سورية أول إنسان استوطن وأول إنسان زرع.. وكانت تمثل اهراءات المنطقة تاريخياً.. وكان هذا سببنشوء حضارتها.. واستمرار وجودها التاريخي.. وكان هذا أيضاً سبب صمودها في العقود السابقة، واستقلالية قرارها السياسي لكن ما جرى في العقدين السابقين خصوصاً ونتيجة السياسات الزراعية والخطط الوهمية والنهبوالفساد أدى إلى تراجعها كثيراً.. بالإضافة لأسباب سابقة منها ضعف الخبرات الفنية وقلة الآلات الزراعية أي الاعتماد على الزراعة التقليدية القديمة.
إن الحكومات المتعاقبة في العقدين السابقين أهملت الزراعة ولم تولها الاهتمام الحقيقي.. ولا وضع الفلاح.. وذلك لمصلحة الاقتصادي الخدمي من فنادق وغيرها.. وهذا الإهمال المتعمد وخاصة في المنطقة الشرقية نتج عنه انفجارهائل في الفساد والنهب والسرقة.. وبل جرى حل بعض المشاريع ذات الانتاجية العالية والرابحة (كحل مزارع الدولة) وذلك بقرار سياسي أقل ما يقال عنه جريمة لم يحاسب عليها أحد.
كما جرى تحميل وزارة الزراعة وخاصة أيضاً مديريات المنطقة الشرقية ومنها مديرية الزراعة في الرقة عمالة زائدة (مقنعة).. وكذلك معظم المفرزين إلى المنظمات الشعبية والحزبية على مبدأ (غيب شموس وخذ فلوس) أما فيظل الأزمة التي تشهدها سورية شعباً ووطناً فإن الوضع أصبح مأساوياً.. وقد التقى مراسل قاسيون مدير الزراعة في محافظة الرقة حيث كانت له اهتمامات ومحاولات إصلاح المديرية وتخليصها من التعب والفساد الذي لحق بهافي العقدين الماضيين ومحاربته والوقوف إلى جانب من يريد العمل لمصلحة الشعب والوطن. وهذا اللقاء كان للوقوف على واقع الزراعة في محافظة الرقة وخاصة الخطة الشتوية.
وقد بين لنا المساحات المقررة والمنفذة ومعيقات التنفيذ حيت كانت الخطة الشتوية لهذا العام /152079/ هكتار موزعة كالآتي:
62313 هكتاراً تروى من الآبار والمضخات.
15320 هكتاراً تروى من (الجلاب).
8424 هكتاراً من مصارف الري والنهر مباشرة.
66000 هكتار ري حكومي.
وما تم تنفيذه من الخطة هو 58250 هكتاراً أي حوالي الثلث حتى تاريخه أما أسباب التأخير في استكمال تنفيذ الخطة فهي:
الارتفاع الفاحش في أسعار المحروقات وخاصة المازوت، وعدم توفره مما أدى إلى شبه توقف في العمل، بينما هو متوفر لدى تجار الأزمات بسعر 270 ليرة للتر.. دون حسيب أو رقيب.
الارتفاع الفاحش في أسعار مستلزمات الإنتاج ووجودها لدى المتلاعبين من تجار وفاسدين.
توقف العمل في مجفف الذرة الصفراء بحجة عدم توفر المازوت وذلك لمدة لا بأس بها.. مما أعاق جني محصول الذرة الصفراء بنسبة 70%.
عدم إزالة بقايا محاصيل الذرة الصفراء والقطن لفلاحة الأراضي.
الظروف الجوية وخاصة في شهري تشرين الثاني وبداية كانون الأول حيث استمر هطول الأمطار مما أعاق جني محاصيل القطن والذرة وفلاحة الأراضي.
ورغم كل ذلك فإن مدير الزراعة كان مصراً على الاستمرار في محاولة تنفيذ الخطة حتى آخر لحظة، وكان متفائلاً واعتبر تنفيذ الثلث منها في الفترة السابقة انجازاً أمام الأسباب التي أعاقت التنفيذ.
والشيء الذي لم ينتبه له الكثيرون هو انعكاس الظروف الجوية مستقبلاً على الانتاج حيث وجهت له قاسيون سؤالاً عنها وتحديداً في مشابهتها لظروف عامي 2009 و2010 حيث أدت إلى ظهور مرض الصدأ البرتقالي وخاصة فيدرجتي الرطوبة والدفء.. وكيفية الاستعداد لذلك ومواجهته..
وقد بين أنه جرى تخفيض المساحات المزروعة بالقمح الطري التي هي أكثر من مساحة القمح القاسي لأنه الأكثر تعرضاً للصدأ فأصبحت مساحة القمح الطري مساوية للقمح القاسي.
كما تم توجيه كتاب إلى وزارة الزراعة برقم 9877/ص/ف تاريخ 12/12/2012 وذلك لأخذ الحيطة وتأمين المبيدات اللازمة لمرض الصدأ البرتقالي..
وهنا نتساءل ألا ينعكس ذلك على لقمة عيش المواطن لأن القمح الطري هو المستخدم في الطحين والخبز..
لاشك أن ما تحدث به مدير الزراعة بالرقة من حديث صريح يجعلنا نتساءل أيضاً من المسؤول عن رفع سعر المحروقات وعدم توفرها.. ومن المسؤول عن توزيعها.. وتوفرها لدى تجار الأزمات وهذا ينطبق أيضاً على بقيةمستلزمات الانتاج الزراعي والحيواني من أسمدة وبذار وعلف ولقاحات ومبيدات.
إن السياسات السابقة الليبرالية والفساد الذي وصل إلى أعلى المستويات ولدى أعلى القيادات حيث وصل إلى بيع حتى الاحتياطي من القمح قبل سنتين.. هي من الأسباب المهمة لتفجر الأزمة الحالية وكل محاولات تغطيتها بالمؤامرةالخارجية فقط هو خداع وتضليل وكذب وتزييف.. وأن الحل يكون إلا بالتغيير الجذري والشامل لكل السياسات ولرموز الفساد وليس بالقمع والحل الأمني العسكري الذي إذا استمر سيهدد وجود سورية.. وشعبها ذا التاريخوالحضارة والفلاح الذي كان عبر التاريخ هو المنتج الذي يمنحها القوة ولمواجهة كل أعداء الوطن.. هذا الفلاح الذي أصبح عاجزاً عن تأمين لقمة عيشه، فكيف بلقمة الشعب؟!.