بصراحة: قانون التشاركية وحقوق العمال ؟
الحكومة العتيدة لا تدّخر جهداً من أجل التأكيد على تثبيت نهجها الليبرالي في المجالات جميعها عبر إصدار التشريعات ومشاريع القوانين والقرارات وتقديم التبريرات، مستفيدةً من واقع الأزمة الوطنية، لتجعل الشعب السوري أمام خيار وحيد، ألا وهو خيارها فيما ترسمه من سياسات اقتصادية، وهو الخيار القابل للحياة من وجهة نظرها، طالما أن القلم الأخضر بيدها وتخط به ما يحقق مصلحة القلة القليلة المستولين على الثروة، والمتحكمين بطرق استثمارها، وإعادة إنتاج أرباحها مرة تلو الأخرى، وبقية الشعب الفقير المنهوبة ثروته يرزح تحت نير الفقر والجوع والعوز، لتتغنى الحكومة بمصائبه وتدّعي بأنها تقدم الدعم « المعقلن » له.
الحكومة ومن خلال بعض وزرائها، قامت بقصف تمهيدي واسع عبر وسائل الإعلام، المختلفة وفي الاجتماعات واللقاءات النقابية، من أجل الترويج لقانون التشاركية باعتباره القانون الذي سيخرج الزير من البير، متحججة بالشماعة التي تعلق عليها دائماً ضعف أدائها عن تلبية حاجات الناس الضرورية، ألا وهي شماعة نقص الموارد وقلتها بيد الحكومة، مما يجعلها تتجه إلى موارد أخرى، والموارد الأخرى دائماً موجودة في جيوب الفقراء، أو في فتح الأبواب على مصراعيها للرساميل المحلية والأجنبية للاستثمار في ملكية الشعب، التي لا يحق لها التصرف والتفريط بها مهما كانت الحجج والمبررات التي تسوقها لهكذا عمل، والمفترض بها البحث عن مصادر تمويل حقيقية موجودة في جيوب قوى الفساد، وقوى رأس المال التي تتمركز الثروة في أيديهم، ويتحكمون من خلالها في رقاب العباد ومقدرات البلاد.
في اجتماع مجلس الاتحاد العام للنقابات دافعت الحكومة عن مشروع قانونها، واعتبرته القانون الذي سيعمل على زيادة أصول القطاع العام، وذلك في معرض ردها على طرح النقابيين في المجلس، حول المخاطر التي يحملها قانون التشاركية على الاقتصاد الوطني، وعلى القطاع العام، ولكن للأسف لم يتنبه النقابيون من خلال طرحهم إلى المخاطر السياسية التي يحملها هذا القانون، وإلى حقوق العمال في المنشآت المطروحة على المستثمرين، كون المستثمر سيأتي بشروطه الخاصة ومن ضمن شروطه واقع العمالة في المنشآت المستثمرة من قبله، وقد يفرض عماله أجنبية يأتي بها كما جرى عند ترميم مطار دمشق الدولي، حيث أحضرت الشركة الماليزية عمالتها معها ليس كخبراء بل كعمال عاديين.
القانون أُقرَّ في مجلس الشعب على عجل، كما هي العادة، دون أن يأخذ حقه من النقاش، رغم أنه يأتي في سياق استمرار السياسات الاقتصادية الليبرالية التي جمعت كل الحطب الاجتماعي ليأتي من يوقده.
المعركة مع هذا القانون لم تنته بإقراره، والقوى الوطنية ومنها الحركة النقابية مطالبة بتوحيد جهودها دفاعاً عن القطاع العام، ودفاعاً عن المصالح الجذرية للطبقة العاملة السورية.