في البحث عن مجلة فنية سورية إعادة اكتشاف مجلة «الفنون» 1973- 1975
رغم أن التجربة الفنية السورية الحديثة يزيد عمرها عن القرن من الغناء والمسرح إلى السينما والإذاعة والتلفزيون، ورغم أن الصحافة السورية قد نشأت في القرن التاسع عشر إلا أن ظاهرة الصحافة الفنية لم تستطع أن تتكرس في البلد، فيما تبدأ التجربة المصرية المتخصصة مبكراً منذ الثلاثينات مع مجلات كـ«الكواكب» (المستمرة في الصدور) و«مسامرات الحبيب».
وقد ظهرت أولى الكتابات الصحفية عن الفن في سوريا في مطبوعات لا تحمل هذه الهوية خصصت صفحات للشأن الفني في وقت متأخر نسبياً، مع مجلات مستقلة كـ«الدنيا» لعبد الغني العطري، و«الرقيب» لعثمان الشمرة، و«عصا الجنة» لنشأت التغلبي والتي صدرت بين الاستقلال ومرحلة الوحدة، وبالتزامن معها صدرت مجلة «الإذاعة السورية» عن الإذاعة في العام 1953 وهي المجلة الأقرب إلى التخصص وإن اتخذت في بداياتها طابعاً ثقافياً عاماً، واستمرت هذه المطبوعة بالصدور تحت اسم «هنا دمشق» مع تأسيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ثم «فنون» نهاية الثمانينات وهي المستمرة بالصدور إلى اليوم لكن دون أن تشكل فرقاً، بل أن مستواها إلى تراجع وحضورها إلى خفوت. وشهدت السنوات الأخيرة صدور مجلات فنية خاصة، لم تستطع للأسف أن تستثمر النهضة الدرامية التلفزيونية التي انطلقت أواخر الثمانينات وتعززت، كما فشلت في تشكيل حركة نقدية موازية لهذا الإنتاج الغزير، تحافظ على الطابع الترفيهي للصحيفة دون فقدان الحس النقدي، وتروج للأعمال السورية بقدر ما توفر ساحة لمناقشتها وتطويرها، هذه المجلات الجديدة كانت أقرب إلى المجلات النسائية الخفيفة أو مجرد حوامل إعلانية ومساحات للعلاقات العامة.
ربما قلة هم من سمعوا بمجلة «الفنون» الأسبوعية والتي صدرت عن نقابة الفنانين في الجمهورية العربية السورية بين 1973- 1975 ثم توقفت، وإذا كانت النقابة على علاتها هي جهة مهيأة لإصدار مطبوعة من هذا النوع اليوم، ما دامت شركات الإنتاج رغم كل إمكانياتها لا تفعل ذلك، فإنه من اللافت أن تصدر معظم أعداد المجلة في العام 1974 الذي شهد ذروة الإنتاج السينمائي السوري، 20 فيلماً (14 للقطاع الخاص و6 لمؤسسة السينما).
مما هو جدير بالاهتمام أن المجلة كانت تحاول أن تسد النقص الحاصل في مواكبة الحالة الفنية السورية، إذ نجد إلى اليوم أن المنابر العربية تهتم بحفنة من الأسماء السورية دون سواها وتبعاً لاعتبارات تختلف عن الاعتبارات المحلية، كما نجد أن المجلة اهتمت بفنون متنوعة، وحافظت على طابع ترفيهي ثقافي ضمن ظروفها ولم تقترب من الابتذال.
«الفنون» كان مديرها المسؤول هو الفنان هاني الروماني، ورأس تحريرها المخرج مروان المؤذن، أما مدير تحريرها فكان الشاعر إلياس الفاضل.
في العدد السابع الصادر في 20 كانون الثاني 1974 والذي احتل غلافه المطرب موفق بهجت ضيف العدد، نجد أخباراً ومتابعات تشير إلى ساحة فنية نشطة على جميع الصعد، ومقابلة مع أمير البزق محمد عبد الكريم أجراها الصحفي المعروف سعيد المانع، وحلقة من مذكرات الفنان عدنان قريش تكتبها رويدة الجراح، ومادة عن تاريخ السينما ترجمتها (الآنسة نهاد كورية)، لقاء مع ياسين بقوش، أخبار عالمية مع صور (ساخنة)، أخبار عربية وصفحات لحل المشكلات، وأخرى للتسالي والتعارف، وإعلانات غير حكومية. وأخيراً بوستر لكلوديا كاردينالي بالمايوه.