القدس وطعنة أخرى
هي القدس عاصمة السلام الأبدي ...
عاصمة الأديان والتراث الحضاري للإنسانية جمعاء وفي عام 2009م عاصمة الثقافة العربية، ففي الحين الذي تناضل فيه النخب الثقافية الحرة لإعطاء هذا الحدث مداه الحيوي وأبعاده الجيوثقافية والسياسية حتى في حملة أهلية تنطلق من خمسة أماكن هي «القدس وبيت لحم والناصرة ومخيم مارالياس في لبنان وغزة» لتشمل العالم أجمع، يطالعنا خبر يذهب بالألباب لما حمله من تخطي للمفاهيم حتى الخاطئة منها وهو ترشيح الإذاعة الإسرائيلية للمغنية الفلسطينية ميرا عوض من عرب ال48 والمغنية الإسرائيلية أحينوعام نيني لتمثيل إسرائيل في مسابقة الغناء الأوربية «بوروفيجن» كشكل جديد من أشكال التطبيع الثقافي في زمن بات التطبيع فيه صفة تقدمية! لكن الخطير والملفت هو الحجج الواهية والمنطق الشاذ الذي جاء في معرض تبرير ميرا عوض إقدامها على قبول الترشيح بقولها: «إن وجودي في إسرائيل هو أمر واقع فأنا ولدت في هذا البلد وبالتالي فتمثيلي له أمر واقع ويجب أن نبحث دائما عن المستقبل وعلى الرغم من أن الماضي مهم فإن مستقبلي ومستقبل أولادي أهم»، لتضيف: «نحن نفهم كيف يمكن أن يبدو القرار مثيرا للسخرية حيث يتم إرسال مغنية فلسطينية جنبا لجنب مع مغنية يهودية»، لكن المثير للسخرية حقا هو دور الدمية في يد الصهيونية الذي ستؤديه، فوجودها ليس منة ولا اعترافا بحق الفلسطينيين في الحياة، بل المقصود هو حملة دعائية تظهر للعالم كم أن إسرائيل حرة وليبرالية وبأن اليهود يتعايشون مع العرب بشكل حر ومتساو وصورة المغنيتين لهي الدليل الصادق على ذلك خصوصا بعد ارتفاع حدة الانتقادات والمطالبات الدولية لإسرائيل باحترام حقوق السكان العرب وخاصة بعد أحداث أم الفحم2007م ويافا2008م والاهم محاولة تلميع صورة إسرائيل عالميا بعد العدوان الأخير على غزة الذي فاق عدد ضحاياه الـ1400 شهيد، وآلاف الجرحى والمعوقين.
هذا الحدث بكل مفاعيله هو جريمة حرب بحق الثقافة العربية وطعنة غدر في جبين القدس عاصمة للثقافة العربية، وقبلة لأحرار العالم على اختلاف انتماءاتهم الدينية والنضالية، سيلقى صداه بين دعاة التطبيع وقد ينجح في تأدية الوظيفة المرجوة صهيونيا منه لكنه كأي فعل ضد الطبيعة والمعقول سيزول وينسى كان لم يكن وتبقى القدس لكن يا ترى هل ستنسى القدس هذه الطعنة؟