قاسيون
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
شهد السوريون يومي الأربعاء والخميس الماضيين، 29 و30 كانون الثاني 2025، مشهدين متتالين، يشكلان معاً لوحة واحدة محصلتها العامة يمكن أن تكون إيجابية، ويمكن أن تعد بالخير في حال تم تطبيقها واستثمارها بشكل صحيح.
أعلنت وكالة رويترز نهاية الأسبوع الماضي عن اتفاق بين وزارة التجارة التركية ومسؤولين سوريين لإعادة تحديد الرسوم الجمركية على بعض المنتجات، بالإضافة إلى إعادة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين.
نسمع مؤخراً حديثاً متكرر عن «السلم الأهلي» وعبر الشاشات يتكرر هذا المصطلح، ويبدو كما لو أن الجميع يتمسكون به ويدعون للحفاظ عليه، لكن إذا أردنا أن نسأل: ما هو السلم الأهلي حقاً؟ وكيف يمكن الحفاظ عليه وصونه؟ فإن بحثنا عن هذا المصطلح ومعناه قد نجد مواضيع ومقالات متنوعة، كلّ يحاول تقديم إجابة وافية، حتى أن السلطة السابقة كانت أيضاً تركز على هذا الموضوع، وتحاول الترويج لكونها هي من تصون السلم الأهلي!
اعتاد السوريون ملامح محددة لمدنهم وشكل حياتهم، ولا يزال كثيرٌ منهم ينظرون باتجاه حواجز أمنية لم تعد موجودة، وغابت من يومياتهم إتاوات كانوا يجبرون على دفعها من القليل الذي يملكون… هكذا تغير فجأة كلُّ شيء حولهم، سورية التي عرفوها تغيرت، وكان هذا كفيلاً بتشويش أفكار جموعٍ كثيرة
أجيال من السوريين نشأت في ظرف محدد، كان الثابت فيه أن «القادم كان دائماً أسوأ»، فمنذ آذار 2011 لم يكد السوريون يفرحون بعودتهم للشارع والتعبير منه عن أوجاعهم، حتى تحول الواقع إلى مشهد دامٍ طويل، خسرت فيه كلُّ أسرة أحد أفرادها أو أقربائها، وعشنا خلال هذه السنوات مآسي مستمرة، حتى بدا كما لو أننا في نفقٍ مظلم لا مخرج منه، وبدأت موجات الهجرة من سورية، وجرى إفراغها من أهلها، وتشتت شملنا يوماً بعد آخر.
إنو السوريين يعيشوا أكتر من ستين سنة تحت حكم الحزب الواحد، وتحت حكم القمع، مانها شغلة قليلة بنوب، وآثارها ما رح تخلص بسرعة، ولا بسهولة.
شهد الأسبوع الماضي توترات عديدة في بعض محافظات البلاد، تخللتها انتهاكات راح ضحيتها سوريون من مختلف الأطراف.
يقدم الاختصاصيون تعريفات ومعايير متعددة لمفهوم العدالة الانتقالية؛ فالمفهوم ليس جديداً، وليس اختراعاً سورياً، ولكنه مستخدم مراتٍ عديدة سابقاً، في حالات مشابهة بشكل أو بآخر للوضع السوري؛ أي في حالات جرى فيها اقتتال عنيف، شارك فيه أبناء بلد واحد ضد بعضهم بعض، وتركت عدداً كبيراً من الآلام والضحايا، كما في مثال جنوب أفريقيا مثلاً، أو مثال رواندا، وغيرهما من الأمثلة.
لا يزال مصطلح «عمل سياسي» جديداً نسبياً على السوريين، على الأقل بوصفه أمراً يمكن لأي منهم أن يمارسه، وليس بوصفه شأناً لا علاقة لهم به؛ فإذا ما سألت أحداً اليوم في الشارع السوري عن انطباعه الأولي فيما يتعلّق بهذا المصطلح، فعلى الأغلب لن يقدم لك تصوراً واضحاً عن ماهية العمل السياسي؛ فالعمل السياسي هو «ترف» و«ما بيطعمي خبز» وغالباً ما كان مرتبطاً في أذهان الكثيرين بالنخبة فقط، بمعنى أنّ من يمارس العمل السياسي هو الشخص الذي يملك ما يكفي من المال ليعيش به، ولديه متسع من الوقت ليفكر ويتابع أخبار السياسة ويحلّل ويستنتج.