«أطرافٌ ثالثة»؟
شهد الأسبوع الماضي توترات عديدة في بعض محافظات البلاد، تخللتها انتهاكات راح ضحيتها سوريون من مختلف الأطراف.
من يتابع إعلام الجهات الخارجية والداخلية المختلفة، يسمع أحد روايتين؛ الأولى: تحمل المسؤولية للأمن العام والهيئة والفصائل المسلحة. الثانية: تحمل المسؤولية لفلول النظام... وأسوأ من هاتين الروايتين، هي تلك الرواية التي تفسر كل شيء على أسس طائفية.
الحق، أن فلول النظام وخاصة المجرمين المتورطين بدماء السوريين، وبتجارة المخدرات، وغيرها من التجارات التي كسّبت أصحابها كماً هائلاً من الأرباح، سيواصلون محاولات التخريب بالأشكال المتاحة بين أيديهم كلها.
والحق أيضاً، أن حالة تفلت السلاح المستمرة حتى الآن، وتعدد الفصائل، إضافة إلى الأحقاد الفردية المتراكمة، تلعب أيضاً دوراً واضحاً في حدوث الانتهاكات المختلفة.
لكن هذين الأمرين معاً، لا يكفيان لتفسير ما يجري... فلنتذكر أنه بعد فرار الأسد بأيام قليلة، شهدت البلاد موجة من التحريض الطائفي الهائل، استمرت ليومين تقريباً، ربطاً بما قيل إنه اعتداء على أحد المزارات الدينية. وبعد ذلك هدأت الأمور بتدخل العقلاء من الأطراف كلها.
في تلك الحادثة، لعب الإعلام دوراً هائلاً في عملية التحريض والتجييش ونشر الشائعات، وفي أحداث الأسبوع الماضي، واليومين الماضيين خصوصاً، لعبت وسائل إعلام عديدة، مرة أخرى، دوراً قذراً في نشر الشائعات بشكلٍ هائل، لا يمكن أن يحدث بنشاط فردي، أو بنشاط مجموعات من الناس العاديين، بل هو عمل أجهزة محترفة تتبع بالضرورة لدولة ما، أو عدة دول...
في هذا الإطار، فإن المرشح الأكثر ترجيحاً للعب هذه الأدوار القذرة هو «الإسرائيلي» الذي يصرح علناً بأنه يريد سورية مقسمة على أسس طائفية وقومية، ولذا فمن مصلحته أن يُغرق البلاد مجدداً في بحر من الدماء، وفي مستنقع من الاقتتال بين أبناء البلد الواحد.
لا شك أن إدانة الانتهاكات وإيقافها ضرورة، ولا شك أن إدانة فلول النظام وأعمالهم التخريبية وتطويقهم ومحاكمتهم هو أيضاً ضرورة، ولكن الضرورة الوطنية العليا اليوم، تتمثل بالحفاظ على السلم الأهلي، وبتطويق عمليات التحريض والتهويل والتخويف الطائفي بكل الأشكال الممكنة... وأحد أهم هذه الأشكال، هو الشكل السياسي وليس الأمني، أي عبر المسارعة بالحوار الوطني الواسع الشامل للجميع، والذي يمكنه وحده أن ينهي المخاوف كلها، ويؤسس لإعادة لُحمة البلاد وأهلها
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1211