هل هي سياسة وأد للقطاع العام؟

ما زالت وزارة المالية مصرة على التمسك بسياساتها المالية الجبائية الهادفة فقط إلى زيادة واردات الخزينة العامة، دون النظر إلى النتائج الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذه السياسات، وما زالت مصرة على تجاهل مصير القطاع العام الذي سيؤول إليه جراء استمرارها بتلك العقلية التي لا تفتش إلى على المزيد والمزيد من الأموال.

هدف وزارة المالية هذه المرة هو أحد شركات القطاع العام الرابحة، والتي قد لا تتوانى الوزارة لحظة واحدة عن تحويلها إلى شركة خاسرة بفعل سياساتها المالية المتبعة حيالها، وكانت الأداة هذه المرة "رسم الإنفاق الاستهلاكي" والذي قد يقود الشركة إلى الإفلاس، فنتيجة لإصرار وزارة المالية على تطبيق رسم الإنفاق الاستهلاكي تراجعت مبيعات شركة تصنيع العنب في حمص (الميماس) العام الماضي بمقدار 20% إلى 25% ذلك الرسم الذي بدء بتطبيقه منذ أواخر عام 2004 ولتاريخه والذي يلتزم القطاع العام بتطبيقه دون التزام القطاع الخاص، وذلك بسبب عدم قدرة القطاع العام من التملص أو الهروب منه، في حين أن القطاع الخاص يتمتع بهذه الميزة، من خلال التلاعب بالحسابات والفواتير والعلاقات الخاصة وما على هنالك من قنوات تسمح له بالتهرب من دفع هذا الرسم.
إنالأنظمة والقوانين والمتمثلة هذه المرة برسم الإنفاق الاستهلاكي تقف بالمرصاد أمام إمكانية تصريف كامل الإنتاج والذي يقدر وحسب الخطة التصنيعية المقررة لشركة حمص لتصنيع العنب هذا العام المقدرة بـ 12200 طن من العنب تستجر عن طريق الجمعيات الفلاحية وبإشراف اتحاد الفلاحين.

يقول مدير عام شركة حمص لتصنيع العنب توفيق فهيم الدياب إن الشركة اتخذت كافة الاستعدادات اللازمة لعمليات استلام المحصول وإدخاله في عمليات التصنيع من الهرس والكبس والتخمير والتقطير والذي سيبدأ مع بداية شهر أيلول القادم وقد خصص مبلغ 100 مليون ليرة سورية قيمة العنب المورد إلى الشركة ولم يحدد هذا العام سعرا ثابتا لثمن كيلو غرام العنب كما في الأعوام السابقة وترك لسوق العرض والطلب أي السعر الرائج على أن تكون الحلاوة المعيارية للعنب 11 درجة وهذه الكمية من العنب تدخل في تصنيع العرق والنبيذ الحلو والمر والنبيذ الأحمر والأبيض بتراكيز مختلفة وتعبأ في عبوات ذات أشكال وأحجام متنوعة. كما وتقوم الشركة بإنتاج البراندي والجن والفودكا والويسكي وبحدود 20 طنا من الميلاس الناتج عن تصنيع الشوندر السكري.‏
توزع الشركة إنتاجها عن طريق وكلاء معتمدين وفق الأنظمة والقوانين النافذة بالإضافة إلى البيع لجميع مؤسسات القطاع العام التسويقية من المؤسسة العامة الاستهلاكية والمؤسسة الاجتماعية العسكرية ومؤسسة الخزن والتبريد والتسويق . وإن هذا التوزيع يضمن لها تحقيق أرباح معقولة ويجعلها في مصاف الشركات الاقتصادية، مع العلمأن أرباح الشركة ورغم تراجع مبيعاتها إلى نسبة 76% بسبب رسم الإنفاق الاستهلاكي بلغت العام الماضي 32 مليون ليرة سورية وباعت حوالي 1555 طنا من مختلف الأنواع المنتجة لديها والتي تلاقي إقبال المستهلكين نظرا لجودة المنتج واعتماده على المعايير القياسية المعتمدة لإنتاج المشروبات الروحية.‏

والسؤال المهم الآن: لماذا تصر وزارة المالية عبر تطبيق رسم الإنفاق الاستهلاكي على تخفيض أرباح هذه الشركة؟ وماذا لو أدى هذا الرسم إلى تراجع أكبر في المبيعات مستقبلاً؟ عندها ألن تكون هذه التراجعات في الأرباح ذريعة لبعض التيارات في الحكومة وخارج الحكومةمن أجل تصفية هذه الشركة؟ ألن يبدأ العديد من المسؤولين الاقتصاديين بالعزف على وتر خسارة هذه الشركة وتراجع مبيعاتها؟ والسؤال الأهم من ذلك كله هو: أين هي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للسياسة المالية التي تتبناها وزارة المالية؟ وهل هذه سياسة تخسير للقطاع العام تميهداً لؤأده؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
281