أمام هذا الخراب فصل من سيناريو طويل!!

ليس خافياً على أحد أن شركات ومعامل القطاع العام تخضع بموجب الأنظمة والقوانين إلى كل من الأجهزة الإدارية التالية:

المؤسسة الصناعية النوعية كجهة وصائية مباشرة..
الجهاز المركزي للرقابة المالية.
هيئة تخطيط الدولة.
الوزارة المعنية.
بالإضافة إلى التنظيم النقابي في المجالس واللجان الإدارية ومجالس الإنتاج.
وهناك جهات أخرى رقابية واقعية تتقصى المعلومات وتمارس تدخلاتها بشكل مباشر وغير مباشر، وتأثير هذا التدخل بالإملاءات الشخصية ودون قدرة الإدارة على تفهم ذلك ومسايرته.
بالرغم من كل هذه الأجهزة الرقابية والإشرافية والوصائية فإن واقع القطاع العام الصناعي وتحديداً النسيجية يدعو إلى الأسى والحزن، وهنا نسأل: ماذا تعمل هذه الجهات الوصائية والتي تضم جيشاً من الياقات البيضاء، نعم، نقول ماذا تعمل وما هو دورها أمام الخراب العام الذي اطلع عليه السيد وزير الصناعة في لقائه مع مدراء الغزل والنسيج ومع مجلس إدارة المؤسسة، كان الوزير صامتاً ومستمعاً ومعلقاً أمام خراب يعشش في مؤسساتنا الصناعة بفعل فاعل وليس بفعل الأقدار.
قال مدير عام شركة الشرق للألبسة الداخلية: الشركة كانت رابحة ومنذ عام 2002 بدأت بالتراجع والخسائر ووصلت الخسائر عام 2005 إلى 184 مليون ل.س وفي هذا العام وحتى الشهر التاسع الخسارة 96 مليون ل.س.
رد وزير الصناعة: لامبرر أن تكون خاسرة وإنما هي مخسرة، بسبب الإدارات الفاسدة التي تواكبت عليها وهذا لايسكت عنه.
قال مدير الشركة: لم نحسن الإنتاج ولم نطور الآلات، وزن الكلسون نصف كيلو وقد أوقفنا كل الإنتاج القديم وبدأنا بإضافات جديدة، فضجت القاعة بالضحك.
رد الوزير: لماذا لم تفكروا بذلك منذ سنوات؟؟ أنتم في الشركة تصنعون للقطاع الخاص إنتاجاً جيداً وللقطاع العام إنتاجاً رديئاً لماذا؟
مدير الشركة العام لخيوط النايلون والجوارب قال:
هناك ارتفاع في التكاليف، هناك 150 عاملاً لا يمكن الاستفادة منهم، الشركة خاسرة بامتياز. مئات العمال في الشركة يكتبون تقارير، ضجت القاعة بالضحك.
رد وزير الصناعة: لدي تقارير تقول أنك وبعض الإداريين تأخذون نماذج من الخطوط الإنتاجية، وليس من المستودعات على طول العام بعشرات الدزينات لمن تعطون هذا الإنتاج وكيف ستربح الشركة في هذه الحالة؟
قال المدير العام: كل مايسحب يسجل وهو دعاية.
وسأل الوزير: ماذا يعمل ممثل العمال في اللجنة الإدارية، قال المدير: لاشيء.
- كنت على خلاف معه؟
- نعم واستطعت إرضائه.
الوزير: لاتتكلم كيف أرضيته.
المدير: لن أتكلم.
مدير عام شركة مصابغ حمص قال: كل آلات الشركة تعود إلى عام 1948 دون تجديد أو تبديل أو تحديث، وأوقف العمل في الشركة والعمال يستقيلون بالجملة. درست مشاريع عديدة لإقامتها في الشركة، وتم رفضها من قبل الجهات الوصائية كمشروع الجينز والعوادم وغيره والخسارة مئات الملايين سنوياً.
ننتج أكياس طحين بكلفة 60 ل.س للكيس ويباع بـ 13 ل..س.
رد أحد أعضاء مجلس إدارة المؤسسة قائلاً: «هذه الشركة غير مهيأة لاستقبال أي مشروع بتقانة حديثة».
قال المدير العام: هذا حكم بالإعدام، لماذا؟
مدير شركة نسيج اللاذقية قال: خط قديم لإنتاج أكياس الطحين وأنوال قديمة ومحدودية بالإنتاج، ومخزون كبير، وهناك عمال زائدة بحدود 200 عامل.
قال وزير الصناعة: هناك 300 عامل في بيوتهم لايعملون ويقبضون رواتبهم «. . . .  ..»
المدير العام: نعم ولكن أنا عينت من ثلاثة أشهر فقط، وبحثت أمرهم والخسارات.. هذا العام 17 مليون ل.س ربح، العام الماضي خسارة 227 مليون، 2004 (425) مليون، عام 2002 (721) مليون.
مدير شركة وسيم: نحن لانستطيع المنافسة لأسباب متعددة، وهناك مخازين في مستودعات الألبسة الجاهزة، ونطالب بمنح الصلاحية والمرونة في العمل كما يعمل القطاع الخاص.
سألت مديرة بالمؤسسة من برج عاجي: هل تملكون صلاحية التعاقد مع بيوت أزياء وبيوت خبرة عالمية.
رد المدير العام بنظرة تعجب!!
وطالب مدير وسيم الجهات العامة بالتعاقد بالتراضي مع وسيم لأن الجهات الحكومية ومنها وزارة الصناعة غير ملتزمة، ويجب إلزام العاملين بالاستجرار من وسيم والإنتاج وفق المواصفات وقد حققنا أرباحاً جيدة رغم هذا الواقع.
مدير عام شركة الصناعات الحديثة قال: إن مدير وسيم يفتخر بأرباحه ويطالب الجهات العام بالاستجرار ونحن لنا ديون على وسيمن ولايسددون ثم لماذا وسيم لاتستجر من إنتاجنا.
رد مدير وسيم عندي من إنتاجه، وليس لي أي التزام معه، وأخاطبه ولايرد علي وأنا أشتري بضاعة أفضل من بضاعته وبسعر أقل.
قال الوزير: ولكنك تطالب بالالتزام؟
رد مدير وسيم: لي ديون، وعلي ديون، ولكن لماذا لايستجر القطاع العام.
وجرت ملاسنة حامية واتهامات وشتائم بين مدير وسيم م. رجب شعبان ومدير الصناعات الحديثة بشار مسعود وأمرهم وزير الصناعة بالخروج من القاعة وخرجوا من القاعة، وكادت أن تحدث مشاجرة بالأيدي لولا خروج البعض.
ثمة سؤال نوجهه: أين هي الجهات الوصائية أمام هذا الواقع وهؤلاء المسؤولين؟
وسؤال آخر: هل هذا هو العقل الصناعي الذي يقود الاقتصاد الوطني؟!!

معلومات إضافية

العدد رقم:
284