د. شفيق عربش يدافع عن الرقم الإحصائي: الأرقام تنتج بمنهجية علمية معتمدة عالمياً (!؟)

أجرت جريدة »قاسيون «لقاءً مع د. شفيق عربش مدير المكتب المركزي للإحصاء للوقوف على رأيه بالرقم الإحصائي الرسمي الذي يشكك بصحته أغلب الاقتصاديين، ولا يحظى بثقة السوريين عموماً..

د. عربش دافع عن الرقم المعلن، وأصر على علميته ومنهجيته ودقته رغم أن الكثيرين، بمن في ذلك القيادة السياسية، يرون أنه كان مضللاً في بعض الأحيان وغير واقعي..

كيف تتم عملية حساب الناتج المحلي الإجمالي.. وعلى أية أرضية قطاعية؟

الناتج المحلي الإجمالي يشمل السلع والخدمات التي تنتج في بلد، وفي مجموعتنا الإحصائية يوجد بنود تصف جميع القطاعات كل على حدة، وإذا كان المقصود من سؤالك قطاع الزراعة والصناعة وغيره من القطاعات الإنتاجية، فنحن عندما ننشر بيانات الحسابات القومية ننشر كل قطاع من القطاعات بشكل مستقل، ولدينا سلال حسابية منذ عام 1963 وحتى عام 2009. 

هناك سلاسل مكتملة ومستقلة، ولكن هل هناك سلاسل يحتسب فيها الناتج المحلي استناداً إلى حجم الإنتاج المادي؟

- هذا يمكن حسابه من خلال قسمة السنة اللاحقة على السنة السابقة بالأسعار الثابتة. 

لماذا لا يخصص المكتب المركزي للإحصاء في مجموعته بنداً لإظهار معدل نمو الناتج المحلي بالقطاعات الحقيقية تحديداً؟

- نحن نصدر صفحة واحدة فيها مقارنة بين عامين بالأسعار الجارية والأسعار الثابتة للناتج والإنتاج، في كل قطاع وحده، ويظهر فيها مدى مساهمة هذا القطاع في الناتج الإجمالي ككل، ومعدل النمو القطاعي من عام لآخر. فقطاع الزراعة يليه الصناعة بشقيها الاستخراجية والتحويلية، ثم الماء والكهرباء ثم البناء والتشييد، ثم المال والتأمين والعقارات، ثم جميع مكونات الناتج المحلي الإجمالي قطاعاً قطاعاً، وفي الصفحة هناك معدل النمو السنوي لكل قطاع على حدة، ونسبة مساهمة هذا القطاع في الناتج. 

هل هذا يكفي لتبسيط الأمر وتوضيحه، أم يفترض أن يتم تطوير العملية؟

- هذه هي المنهجية المعتمدة عالمياً والتي تم التوافق عليها منذ زمن طويل في اللجنة الإحصائية في الأمم المتحدة، وهذا ما تنشره كل دول العالم.

بالحديث عن التوافق الدولي، سبق للرئيس الفرنسي أن شكل لجنة لدراسة آلية احتساب الناتج المحلي الإجمالي.. ألاّ ترون في ذلك إشارةً إلى وجود خطأ؟ 

- فيما يتعلق بأوروبا، إن دول الاتحاد الأوروبي وضعت نظاماً إحصائياً خاصاً بها، وأضافت على هذا النظام الإحصائي معايير أخرى علاوةً على المعايير المتعارف عليها دولياً، وبالتالي ترى الآن في الاتحاد الأوروبي رقمين إحصائيين لكل شيء.. أي ترى مجموعتين أو جدولين إحصائيّين وفقاً للمعايير الأوروبية ووفقاً للمعايير الدولية، أما نحن في الدول العربية فكلنا لم ننتج إلاّ وفقاً للمعايير الدولية. 

أي أن المنهج الدولي هو المعتمد في سورية.. ولكن ماذا بالنسبة لسلة المستهلك هل تمثل بتثقيلاتها الحالية الواقع كما هو؟

- إن سلة المستهلك المستخدمة في سورية هي تلك السلة التي نتجت عن مسح دخل ونفقات الأسرة عام 2004، وقد أنجزنا عام 2009/ 2010 ونحن الآن بصدد إعادة تركيب سلة المستهلك بما يتوافق مع ما أعطته نتائج هذا المسح. 

يؤخذ على السلة أن التثقيلات فيها لا تتطابق مع تفاصيل الواقع المعاش.. مع تفاصيل الدخل والإنفاق.. فما قولك؟

- إن المسألة متعلقة بقياس البعض للأمر استناداً إلى واقع مدينة دمشق وحدها، وهذا غير مجد، وكذلك فإن القياس على الرواتب وحدها غير كاف، فإذا نظرنا الآن إلى من يعمل بأجر ومن يعمل لحسابه لوجدنا المسألة مختلفةً.. وهذه نقطة أثرتها سابقاً في إحدى الندوات التلفزيونية حول نتائج مسح دخل ونفقات الأسرة، لدينا في سورية مليون ونصف شخص يعمل لحسابه، ولدينا مئتا ألف شخص من أصحاب العمل، ولدينا ثلاثة ملايين وتسعون ألف شخص يعملون بأجر، أي إن من يعملون بأجر يشكلون نحو الثلثين من قوة العمل في سورية، فأعتقد جازماً أن القياس على الراتب المعلن وحده هو قياس غير دقيق، لأن هناك فئة أخرى هي من أصحاب الدخول المختلفة عن دخل العاملين بأجر، وبذلك فإن الدخل يتكون من عدة مكونات إحداها الراتب، وقد سألت سؤالاً حينها: من قال إن الراتب هو الدخل؟.

لقد تبين لدينا خلال مسح دخل ونفقات الأسرة أن نسبة الراتب من دخل أسر العاملين هي 55%، وبهذا فإذا قسنا على الراتب دون أخذ موضوع اختلافه عن الدخل سنصل إلى نتائج وصل إليها البعض في أماكن أخرى، ولكن إذا تعمقنا بالتحليل ودرسنا كل مصادر الدخل ستختلف الرؤيا، فمثلاً كلنا نعرف أن هناك عدداً كبيراً اًمن الموظفين يزاول عملاً آخر، فمعظم الكوادر التعليمية تعمل في الدروس الخصوصية، وبهذا فلم يعد الراتب وحده هو ما يمثل دخل الموظف، وقد يقول البعض ليس الجميع يزاولون عملاً آخر!.. وهذا صحيح، ولكن هذا ليس مسؤوليتنا فنحن نشير إلى متوسطات وانحرافات معيارية، وعلى الباحث الاقتصادي من خلال تحليله أن يصل إلى استنتاجات ووضع سياسات، أما المكتب المركزي للإحصاء فلا دور له في صنع السياسات إلاّ ما يطلب منه، فالسياسات هي شغل جهات أخرى. 

هذا يقودنا إلى نقطة أخرى، هناك من يرمي أخطاء السياسات على أرقام المكتب المركزي للإحصاء، تصريح الأستاذ عبد الله الدردري ألم يكن إحدى الإشارات لذلك؟

- الأستاذ عبد الله الدردري لم يحمل المكتب المركزي مسؤولية أية أخطاء، بل قال إن المكتب يعمل بكل استقلالية، وكذلك قال الأستاذ محمد ناجي عطري، وبالحقيقة وأنا مدير للمكتب منذ نهاية عام 2007، لم يتدخل أحد في عملي، وقد نتناقش في بعض الأرقام.. ولكن أن يتم التلاعب بالأرقام فهذا لم يكن أبداً. 

ليس بمعنى التلاعب بالأرقام، بل بمعنى استخدام معادلات رياضية خاصة؟

- أبداً، نحن نطبق المنهجيات المتعارف عليها دولياً. 

إذاً ما كان الداعي لحديث نائب رئيس الجمهورية عن أخطاء في الأرقام الإحصائية؟

- لا علم لي، هل تحدث في هذا الموضوع بسبب معلومة غير دقيقة وصلته؟ لا أعرف لماذا أثير هذا الأمر، ولكن أنا مسؤول عما نشره المكتب، وأنه تم بمنهجية علمية معتمدة عالمياً، ووفقاً للبيانات المتاحة، وإذا كان لدينا وثائق تثبت أن هذه الأرقام لم تكن موفقة الحساب، أي إن كنا أخطأنا من حيث لا ندري ولا نقصد، فإننا مستعدون لمراجعة الأرقام، ونملك الجرأة الأدبية لذلك، لكن هذه الأرقام درست وأنتجت وفقاً للمنهجيات المعتمدة عالمياً، ومن البيانات التي وردت إلى المكتب المركزي للإحصاء من الجهات العامة كإحصاءات جارية، ومما حصله المكتب عن أرض الواقع من خلال المسوح الإحصائية التي أجراها. 

إذاً المكتب المركزي للإحصاء واثق من منهجيته لدرجة أنه في حال وجود خطأ فإنه سيكون عائداً إلى خطأ في البيانات؟

- في عملنا العلمي لا يوجد أي خطأ، فالمنهجية واضحة ومطبقة بكل حذافيرها، والمكتب لديه وثائق بكل ما نشره من بيانات، وكذلك نحن مستعدون لوضع البيانات الخام بتصرف أي إنسان مختص لينجز الحسابات القومية، وإذا اختلف معنا وخرج بنتائج مغايرة لما خرجنا به فسيكون الحق علينا، ولكن بشرط أن يطبق المنهجية نفسها.