صندوق غير مدعوم لدعم الإنتاج الزراعي... غياب الدعم الكافي يهدد القطاع الزراعي بالتراجع.. وكذلك الأمن الغذائي

34 مليار ليرة سورية، هي مخصصات صندوق دعم الإنتاج الزراعي للعام 2010، هذا الرقم قد يراه كثيرون للوهلة الأولى كبيراً، أو بالحد الأدنى كافياً لتغطية دعم منتجاتنا الزراعية، إلا أن التبحر في الأنواع الزراعية التي تستحق الدعم، ومقارنتها بالمبالغ المرصودة لكل دونم قد تبدد جزءاً من هذا الانبهار الأولي.

مهام واعدة

مهام متعددة وضعها صندوق دعم الإنتاج الزراعي منذ إحداثه بموجب المرسوم التشريعي رقم 29 تاريخ 5/5 للعام 2008، والتي تتضمن تقديم الدعم اللازم لمستلزمات الإنتاج الزراعي كالبذار المحسن، والغراس المتنوعة المثمرة، الحراجية، الرعوية، والأعلاف المخصصة للثروة الحيوانية، والأدوية البيطرية، والتلقيح الاصطناعي، واللقاحات المستخدمة لتطوير الثروة الحيوانية، ومكافحة ومعالجة الأمراض الوبائية والجائحات التي تهدد الشق الحيواني في قطاع الزراعة، إضافة إلى دعم بعض أسعار المنتجات الزراعية كالمحاصيل الإستراتيجية (القمح، الشعير، القطن، الشوندر السكري)، والمحاصيل والمنتجات الزراعية سواء النباتية والحيوانية (البطاطا، الذرة الصفراء، الحمضيات، الزيتون، التفاح، العدس، الحمص والبندورة.. وكذلك التبغ)... 

إمكانات محدودة

إن الإمكانات المحدودة تقف بكل تأكيد عائقاً أمام صندوق دعم الإنتاج الزراعي لعدم قدرتها على تغطية كل الأنواع الزراعية بما يتناسب مع ما تحتاجه من دعم، حيث أن حجم الدعم المقدم لا يتعدى 8،9% من قيمة الإنتاج الزراعي بالأسعار الثابتة لعام 2008 (378377 مليون ليرة سورية)، كما أنه لا يتجاوز 5،3% مقارنة بقيمة هذا الإنتاج الزراعي بالأسعار الجارية للعام نفسه والمقدر بـ641671 مليون ليرة سورية، ولا يشكل سوى 0،30% من الناتج المحلي الإجمالي، علماً أن الزراعة السورية تساهم بنحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي، وتشغل ما يتراوح بين 18 – 22% من اليد العاملة، أي أنها تستحق من الدعم ما هو أكبر بكثير مما هو مقدم حالياً، وذلك للدور الاقتصادي الذي يلعبه هذا القطاع، ونظراً لكونها عماد الأمن الغذائي، وستفرز تبعات اهتزازه ـ كما يتخوف الكثيرون ـ اضطرابات اجتماعية وتبعات سياسية!...

حسابات أولية

انطلاقاً من تقدير مساحة الأراضي المزروعة فعلاً في العام  2008، والتي بلغت نحو 4610 ألف هكتار، على اعتبار أن وحدة المساحة هي المحدد الأساسي للدعم المقدم، نجد أن إجمالي الدعم المقدم للهكتار لن يتجاوز 7375 ل.س، أي أن دعم الدونم سيكون بحدود 730 ل.س، وهذا لا يشكل سوى 15% مما خصصه الصندوق لدعم الدونم الواحد لأكثر المنتجات الزراعية الأساسية.

وعلى طريقة سحب العينات، تم اختيار ستة محاصيل زراعية أساسية وحساب مساحتها استناداً إلى أرقام المكتب المركزي للإحصاء الصادرة في العام 2008، وتم حساب الدعم المفترض لهذه المحاصيل الستة قياساً بالمبلغ المقدم من قبل هذا الصندوق لكل دونم من الأراضي الزراعية، وهي كالتالي:

- مساحة الذرة الصفراء المزروعة في العام 2008 تقدر بنحو 70،6 ألف هكتار × 10 ألاف ليرة لكل هكتار من محصول الذرة الصفراء =  700 مليون ليرة سورية.

- مساحة قطن 176،4 ألف هكتار × 2500 ليرة للدونم الواحد لقاء المازوت، ولقاء تحرير الأسمدة مبلغ 800 ليرة لكل دونم = 5،820 مليار ليرة.

- بطاطا 36،2 ألف هكتار × 3000 ليرة للدونم =  1 مليار ليرة.

الزيتون  617،1 ألف هكتار ×2000 ليرة للدونم الواحد = 12،340 مليار ليرة.

- التفاح 47،4 ألف هكتار × 3000 ل.س للدونم = 1،422 مليار ليرة

- البرتقال 22،4 ألف هكتار، الليمون 6،1 ألف هكتار، حمضيات أخرى 9 آلاف هكتار، الدعم المقدم للحمضيات هو 4 آلاف ليرة للدونم = 1،5 مليار ليرة.

- الدعم المقدم للقمح القاسي سيكون 3،7 ل.س/كغ، و 4 ل.س/كغ للقمح الطري، وهما يشكلان 25% كأرباح أقرتها وزارة الاقتصاد عند استلام محصول القمح من الفلاح السوري لعام 2009 – 2010، حيث بلغ متوسط تكلفة إنتاج مجمل القمح 15،71 ل.س/كغ، وهذه الأسعار نأخذها استناداً إلى دراسة أعدتها مؤخراً إدارة الشؤون الاقتصادية في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، وإذا ما علمنا أنه يتم استلام 2 مليون طن سنوياً من القمح، 2 مليار كيلو غرام × 4 ل.س = 8 مليار ليرة سورية، سيتحملها صندوق دعم الإنتاج الزراعي من مساحة تبلغ وفقاً لعام 2008 نحو  1485،9 ألف هكتار.

وفي المحصلة تم الوصول إلى أن الدعم الذي سيتم تقديمه لستة محاصيل أساسية ـ وفقاً للمساحة والمبلغ المعتمد ـ سيكلف صندوق دعم الإنتاج الزراعي 31 مليار ليرة، أي نحو 91% من إجمالي المبلغ المرصود لدعم الإنتاج الزراعي والحيواني والجائحات، وهذه المساحة التي تمت دراستها لا تشكل سوى 55% من المساحة الإجمالية المزروعة. 

تساؤلات مشروعة

إن المبالغ المخصصة في العام 2010 لدعم القطاع الزراعي لا تكفي بالتأكيد لسداد ما تحتاجه الزراعة السورية، خصوصاً وأن أشكال الدعم هذه هي التي ستساهم في تحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز تنافسية للإنتاج الزراعي، كما أن هاجس تراجع هذا الدعم مع مرور السنوات بدلاً من زيادته في الأعوام القادمة بات يؤرق الفلاح السوري، وإذا افترض البعض أن المحاصيل الزراعية لن تشمل جميعها بالدعم، فإننا نسأل: أليست كل المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية قد تضررت تقريباً من ارتفاع أسعار مدخلات عملية الإنتاج الزراعي؟! ومن أين سيأتي تمويل الجائحات ـ إذا ما حصلت ـ وتعويض الفلاحين المتضررين على غرار  وباء صدأ القمح الذي ضرب معظم الموسم هذا العام؟!!