التأمينات الاجتماعية من جانبين: 60% بلا تأمين.. وللمتقاعدين أقل من الحاجات الدنيا

التأمينات الاجتماعية من جانبين: 60% بلا تأمين.. وللمتقاعدين أقل من الحاجات الدنيا

صدر القانون رقم  28 تاريخ 30/11/2014  المتضمن تعديل قانون التأمينات رقم 92 لعام 1959، التعديلات طالت بعض الجوانب مثل: حلّ مشكلة الازدواج التأميني، تشميل العمال السوريين في الخارج بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، إضافة إلى رفع سقف المعاش التقاعدي إلى 80% لمن لديه 32 عام من العمل، بدلاً من 75% لمن لديه 30 عاماً، وغيرها من التعديلات التي تعتبر نافذة بعد شهرين من تاريخ صدور القرار.

التعديلات لا تتعدى كونها تفاصيل، إلا أن الحديث عن إعادة صياغة القانون بالمجمل يتطلب، الإشارة إلى مشاكل كبرى في منظومة التأمينات الاجتماعية للعمال السوريين في القطاعين العام والخاص، والتي تعاني من مشاكل كبيرة، فهي تشمل نسبة قليلة من القوى العاملة، أو من بقايا فئات المجتمع الأضعف، وتوزع بمبالغ لا تغطي إلا نسبة قليلة جداً من الحاجات الفعلية.
وسنأخذ نسبة شمول التأمينات الاجتماعية للقوى العاملة في سورية، ورواتب المتقاعدين باعتبارهما الثغرات الأبرز، مع العلم أن الضمان الاجتماعي أوسع من التأمينات بكثير.
شمولية التأمينات
تقتطع من رواتب العاملين المسجلين في التأمينات الاجتماعية سواء في القطاع العام او الخاص نسبة 7% من أجور العمال، ونسبة 14% يدفعها رب العمل، ويحصل عليها العمال على شكل تأمين صحي، وتعويض حوادث وإصابات العمل وحالات العجز والوفاة، ومعاشات تقاعدية في نهاية الخدمة.
من هم العمال
المشمولون في هذا القانون؟
مجمل القوى العاملة السورية يبلغ 6 ملايين بحسب تصريح لوزير العمل السابق حجازي في شهر 5-2014.
عدد عمال القطاع العام بلغ 2,5 مليون  بحسب تصريحات رئيس الوزراء المتتالية خلال الأزمة. يقترب عدد عمال الدولة المياومين غير المثبتين من 400 ألف، حيث أشارت تسريبات عمالية لقاسيون بأن ما تم تعيينه بموجب مرسوم التعيين الصادر في 2011، بلغ 174 ألف عامل، ليتبقى حوالي 200 ألف عامل لم يطالهم التثبيت. عدا عن هؤلاء يحصل أغلب عمال الدولة على تأميناتهم الاجتماعية، ورواتبهم التقاعدية، .مع العلم أن وزير العمل خلف العبد الله  أشار إلى أن عدم تشميل هؤلاء في التأمينات الاجتماعية، يشكل مخالفة للقانون، وما عليهم سوى أن يتقدموا بالشكوى!.
العاطلون عن العمل يبلغون نسبة 50% وهي نسبة تقاطعت عليها تصريحات رسمية، وتقارير دولية، أي ان نصف القوى العاملة السورية عاطلة عن العمل وهم حوالي2,5 مليون عامل، بالطبع هؤلاء خارج إطار أي ضمان اجتماعي، ليتبقى حوالي 1 مليون عامل في القطاع الخاص، المؤمن منهم 340 ألف عامل فقط بحسب تصريحات لوزير العمل السابق.
أي أن تأمين العمل يشمل قرابة 2,34 مليون عامل سوري، وهي نسبة 39% من تعداد القوى العاملة الأخير.
ليتبقى حوالي 60% من القوى العاملة السورية بين البطالة، ومجالات العمل غير الشرعية، وخارج إطار الضمان والحماية الاجتماعية..
بلا أجر بلا تأمين
أما ما تبقى من فئات المجتمع الضعيفة، التي لم تعد تستطيع العمل، أو التي لا تستطيع الدفع، لأنها لا تستطيع الحصول على فرص عمل، وبالتالي فإن أجور هؤلاء خارج إطار الضمانات الاجتماعية بكل أشكالها.
حيث أنه وفق بيانات 2010 فإن عدد من هم فوق عمر 65 عاماً أي يفترض أن يحالوا إلى التقاعد يبلغ 3,3 مليون شخص، أما عدد من يحصلون على معاشات تقاعدية فيبلغ 361 ألف عامل، أي نسبة 11%  فقط.
 أما عدد من هم غير قادرين على العمل وعمرهم فوق 65 عاماً فبلغ 286 ألف عامل، وهؤلاء ليسوا بالضرورة ضمن من يحصلون على رواتب تقاعدية.
بين 2010- 2014
إن وسطي رواتب المتقاعدين في عام 2010 يبلغ: 40 مليار ÷ 362 ألف عامل = 110 آلاف ل.س في العام.
 أي راتب شهري 9233 ل.س، أقل من الحد الأدنى للأجور في ذلك العام البالغ 9675 ل.س
أما المتقاعدون في عام 2014، والذين لم تصدر التأمينات أو وزراة العمل رقماً يوضح عددهم، فإن التقدير يشير إلى أنهم سيبلغون مقدار 489 ألف متقاعد في عام 2014، بناء على احتساب متوسط التغير السنوي في أعداد المتقاعدين خلال الأعوام من 2007-2010 والذي بلغ زيادة سنوية في عددهم بمقدار 8%.
قرابة 489 ألف عامل متقاعد حصلوا في عام 2014، على رواتب ومعاشات المتقاعدين البالغة 80 مليار ل.س، ليكون متوسط راتب العامل التقاعدي الذي ارتفع مع ارتفاع الأجور في عام 2013، يبلغ: 80 مليار ÷ 489 ألف متقاعد= 163 ألف ل.س.
 أي بمتوسط راتب تقاعدي شهري: 13600 ل.س، وهو يقارب الحد الأدنى للأجور البالغ 13670 ل.س.
غذاء ودواء ودفء لشخص!
إن مبلغ 13600 ل.س اليوم يستطيع أن يؤمن الغذاء الضروري لفرد والمقدرة تكلفته بـ 5600 ل.س، وأن يؤمن بما تبقى من 7000 ل.س تقريباً، متطلبات رئيسية مثل التدفئة والكهرباء والمياه بالحد الادنى 3000 ل.س شهرياً، الأدوية والصحة بوسطي 2000 ل.س شهرياً، ليتبقى 2000 ل.س وسطياً لتلبية كافة الحاجات المتبقية النقل، الاتصالات، اللباس، والطوارئ وغيرها.
هذا إذا ما افترضنا أن راتب المتقاعد هو لإعالته الشخصية فقط، وهذا يتناقض مع الواقع الحالي الذي ترتفع فيه نسبة الإعالة إلى حد كبير، حيث يعيل صاحب الأجر ما يزيد عن ستة أشخاص، مع ارتفاع نسبة البطالة إلى 50%.

30 سنة عمل.. أجر أقل من الكفاف
بلغ عدد المتقاعدين في عام 2010: 361  ألف عامل متقاعد، حصلوا على مبلغ أقل من 30 مليار ل.س.
وتختلف الرواتب التقاعدية بحسب عدد سنوات العمل، وبحسب آخر راتب أخذه العامل قبل تقاعده، أي بحسب الفئات، لتحسب على أساس 2,5% عن كل عام، ويكون سقفها لمن عمل 30 سنة نسبة 75% من الراتب، والجديد في التعديلات أن من عمل لمدة 32 سنة سيحصل على نسبة 80% من الراتب، أي رفع السقف التقاعدي فقط لمن عمل مدة تزيد عن 32 سنة.