من على يمين الحكومة .. «المقاولون» يقصون القطاع العام من إعادة الإعمار!
وفقاً لجريدة الوطن السورية فإن نقيب المقاولين السيد محمد رمضان كشف بمقابلته مع الصحيفة المنشورة بتاريخ 8/12/2014 أن رئيس الحكومة الدكتور وائل الحلقي «دعا وزير الأشغال العامة إلى مخاطبة وزارات الدولة لفسخ عقود المشاريع وتوقيف تنفيذ ما أبرم منها بداية الأزمة ويصعب استكمالها».
ورغم أن هذه الدعوة استندت إلى تصريحات نقيب المقاولين على منبر «الوطن» إلا أنها غير مؤكدة أو منفية من قبل الحكومة حتى اللحظة. ويضيف السيد رمضان في نفس الصحيفة أن: «نقابة المقاولين وجهت كتاباً إلى رئيس مجلس الوزراء تطالب فيه بضرورة توقيف العقود المبرمة مع القطاع العام، إضافة إلى دفع فروق الأسعار إلى المتعهد نتيجة ارتفاع أسعار المواد في الأسواق».
حديث غائم يستهدف القطاع العام!
لم يوضح الحديث المنشور في «الوطن» غرض الحكومة من فسخ العقود، وهل أنها تشمل القطاعين الخاص والعام معاً، كما لم يوضح القواعد اللاحقة للعقود الجديدة، إلا أن المقاولين يستندون في مطالبهم بفسخ العقود هذه إلى ادعاءين رئيسيين، الأول: «أن القطاع الخاص أنجز ما يقارب 78% من المشاريع التي تعهدها على حين أنجز القطاع العام 22%». أما الإدعاء الثاني فهو أن: «على الحكومة دفع فروق الأسعار في مشاريع القطاع الخاص وأن تساهم في تخفيف الأعباء عن كاهل المقاولين الذين تضرروا نتيجة ارتفاعات الأسعار في مشاريعهم المتوقفة». كما يضيف المقاولون على لسان نقيبهم: «إنه يجب على الحكومة أن تشمل النقابة من ضمن خططها أثناء تنفيذ مشاريع إعمار سورية»!
تناقضات حديث "المقاولين"
لسنا هنا بصدد بحث إدعاءات السيد نقيب المقاولين عن أداء القطاع العام، فالأزمة السورية أثبتت أن القطاع العام رغم كل عيوبه، هو من تحمل العبء الأكبر في المواجهة والصمود. أما القطاع الخاص فقد لاذ بالفرار في كثير من الأحيان وذلك لأسباب اقتصادية وغيرها وهو ما أكده نقيب المقاولين نفسه بتاريخ 5/8/2014 وبنفس الصحيفة حيث قال حينها: إن هناك الكثير من المقاولين بل أكثرهم أصبحوا غير قادرين على تنفيذ المشاريع ما دفعهم إلى تركها بعدما نفذ منها ما يقارب 10%" محملاً مسؤولية التقصير في حينه للحكومة، فكيف يعود علينا اليوم بأحاديث تدعي إنجازات كبرى للقطاع الخاص. ألا يكفينا حجم التهرب الضريبي الذي بلغ مئات المليارات في القطاع الخاص في الوقت التي أرفد القطاع العام خزينة الدولة بمعظم إيراداتها قبل الأزمة وأثناءها؟!
الطامة الكبرى هي أن تفرد جريدة الوطن اليوم المنبر لنقيب المقاولين مساحة إعلامية يريد أن يوصل رسالة من خلالها، بشكل أو بآخر، أن الحكومة وافقت على طلبه بإقصاء القطاع العام عن الاستثمار واستبداله بدعم القطاع الخاص بدافع من تبريراته الواهية! ومع أن الحكومة لم تنفي الخبر أو تؤكده أو توضحه إلا أن نقيب المقاولين والصحيفة يلمحان إلى ذلك.
يغيب عن ذهن هؤلاء أن القطاع العام هو أساس صمود الدولة في الأزمة الصعبة، وأن تطويره وتخليصه من الفساد وإعطاءه نفس فرص القطاع الخاص بالحد الأدنى هو ضرورة في مرحلة بناء سورية الجديدة. كما أن ساحة إعادة الإعمار تتسع للجميع، ناهيك عن إعلان الحكومة برنامج «التشاركية» الذي يمنح القطاع الخاص حقوقاً في الاستثمار لايمنحها للقطاع العام، فلماذا «تضيق» عين البعض على استثمارات القطاع العام في هذه اللحظة. وهل حقاً استجابت الحكومة لمثل هذه المناشدات؟!