التأمينات مهام مركبة..  أبعد من التعديلات

التأمينات مهام مركبة.. أبعد من التعديلات

ينص الدستور السوري بمادته 46على التالي ( تكفل الدولة كل مواطن وأسرته في حالات المرض واليتم والعجز والشيخوخة وتحمي الدول صحة المواطنين وتوفر لهم وسائل الوقاية والمعالجة والتداوي).
شبكة الضمان الاجتماعي السورية، التي لم تكتمل يوماً، ولم تتجه نحو التوسع، هي مخالفة موصوفة للدستور السوري. من قانون التأمينات الاجتماعية، وتطبيقاته، إلى  غياب قانون شامل للتأمين الصحي لكل المواطنين، وغياب تأمين للشيخوخة، واقتصاره على العمال المتقاعدين، وغياب مؤسسات رعاية حكومية تغطي الأيتام والمحتاجين والعاجزين. بالإضافة إلى أن مجمل من يطالهم نظام الضمان السوري المتراجع، لا يحصلون على ما يكفي لسد حاجاتهم الرئيسية.

العديد من التعديلات على مشروع قانون التأمينات الاجتماعية كانت تنتظر الإقرار، ولكنها اقتصرت على بضعة تعديلات طفيفة، بعد مقترح كتاب من رئاسة الجمهورية بتاريخ 13-11-2014 أخذت به لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية والخدمات في مجلس الشعب، وأوصت بناء على الكتاب: (بأن تقوم وزارة العمل بإجراء مراجعة شاملة ومتأنية لقانون التأمينات الاجتماعية، وتوحيدها في مشروع قانون جديد متكامل وواضح المعالم)
إن إعادة صياغة قانون التامينات الاجتماعية تتطلب وضع العديد من المبادئ الضرورية التي تشوه هذا القطاع، لأن المشكلة تتعدى الثغرات التي تسدها التعديلات، وتتطلب النقاش بالمفاصل الرئيسية:
شبكة مراقبة وضبط متعدد المهام: إيجاد آلية لتضمن شبكة التأمينات الاجتماعية تغطية المنشآت الاقتصادية وعمالها بأنواعهم، بحيث تسمح هذه التغطية ببيانات ومعرفة فعلية بعمل القطاع الخاص والمنشآت العامة، بما يكفل الحصول على الأجور الدستورية التي تؤمن مستوى المعيشة، ويكفل تحصيل القيمة الحقيقية للضرائب، واقتطاع النسب الفعلية لتأمين مجمل العاملين.
دور في توزيع الثروة: الاتجاه نحو رفع النسب التأمينية، وليس تخفيضها كما تقترح تعديلات سابقة، على أن تثبت حصة العامل، وتتغير الحصة التي يدفعها رب العمل، بناء على حجم الأرباح في المنشأة، لتتحول نسب التأمينات إلى آلية فعلية لإعادة توزيع الثروة.
تغطية الحاجات الفعلية: الانطلاق في توزيع مبالغ التأمينات، من قدرتها على تغطية الحاجات فعلياً، سواء للمتقاعدين الذين يجب أن يغطي ويستمر تأمينهم الصحي ويتوسع، أو العاجزين والمصابين، وتوسيع رواتب الورثة وفق دراسة فعلية للواقع والحاجات.
الاستثمار الفعلي: إن مجمل هذه المبادئ كمهمات لقطاع التأمينات، تتطلب تعاملاً عالي المسؤولية مع الأموال المقتطعة من دخول السوريين، واستثمارها ليس بالطرق المضمونة فقط، بل وبالمجالات المتناسبة مع طبيعة المؤسسة، أي الاقتصادية – الاجتماعية، بحيث تشكل دخلاً ومجالات تشغيل فعلية للعاطلين عن العمل والذين يفترض أن يشملهم الضمان.
واقع الضمان الاجتماعي في سورية متراجع كغيره من جوانب دور الدولة في الأخذ من الأقوياء اقتصادياً، والتوزيع للأضعف، وهذا طبيعي في ظل بلاد وصل مستوى الاستقطاب فيها إلى حدود كبيرة، جعلت حصة الأجور بالإضافة إلى التعويضات 25% من الدخل الوطني، ليتبقى 75% حصة الأرباح، هذا المستوى الذي ارتفع بالتأكيد خلال الأزمة الحالية، يفترض أن يكون نقطة الانطلاق في مناقشة دور التأمينات والتغيرات التي يجب أن تطرأ على منظومة الضمان، بعيداً عن الثغرات وتعديلاتها!.

آخر تعديل على السبت, 13 كانون1/ديسمبر 2014 15:15