كيف يمكن لواشنطن أن تتعامل مع تل أبيب الآن؟!

كيف يمكن لواشنطن أن تتعامل مع تل أبيب الآن؟!

لا يزال الاتفاق الأخير في غزّة يواجه عقبات يومية، وخصوصاً مع الخلافات التي تظهر على السطح مع كل خطوة جديدة، ويجري كل ذلك مع تكرار الخروقات "الإسرائيلية" لكن وعلى الرغم من أن الاتفاق لا يزال هشاً تظهر أمامنا جملة من المعطيات المهمة.

منذ أعلنت واشنطن عن مقترح لوقف إطلاق النار، كان واضحاً أن هناك أطرافاً داخل «إسرائيل» لا توافق على ذلك، ومع ذلك فرضت إدارة ترامب الاتفاق، ﻷنه ربما يكون أحسن الشرور بالنسبة لواشنطن، فاستمرار الحرب بهذا الشكل، ودون تحقيق أي نتائج ملموسة في غزّة، أو تغيير كبير في التوازنات الإقليمية، سيتحول إلى استنزاف حقيقي للمعسكر الغربي، لكن قبول الاتفاق من جانب «إسرائيل» حتى وإن كان خطوة «تكتيكية» بدأ يفعل فعله في الداخل، فاستمرار الحرب كان يحقق فرصة للكيان المأزوم لتأخير استحقاقات سياسية كبرى، ومساحة يستطيع من خلالها تنفيس أزمته التي لا يرى مخرجاً حقيقياً منها، والمشكلة بالنسبة لصناع القرار في تل أبيب اليوم، أن الإدارة الأمريكية تمارس ضغطاً كبيراً في عددٍ من القضايا، يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار الحكومة الحالية، على أقل تقدير. فكان هناك فرق واضح في المواقف المعلنة لحلفاء نتنياهو من أقصى اليمين، الذين رفضوا اتفاق وقف إطلاق النار، وأكدوا أن الأولوية هي لـ «القضاء على حماس» وليس إعادة الرهائن، ثم تبين لاحقاً أن المشكلة الأكبر ستكون من نصيب الضفة الغربية، إذ اشتعلت معركة حامية بين واشنطن وتل أبيب خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن تجاوز مشروعين لقرارين بخصوص الضفة الغربية، التصويت التمهيدي في الكنيست، الأول يقضي بتطبيق القوانين «الإسرائيلية» على جميع المستوطنات في الضفة، والثاني يركز على ضم كتلة المستوطنات «معاليه أدوميم» شرق القدس.

والمشكلة ببساطة، أن الرئيس ترامب كان قد أكد رفضه لمثل هذه الخطوات في هذا الوقت، وأشار في مقابلة مع مجلة التايمز نشرت قبل التصويت في الكنيست، قال فيها رداً على سؤال حول موقفه من الضم: «لن يحدث. لن يحدث. لن يحدث. لأنني أعطيت كلمتي للدول العربية. ولا يمكن القيام بذلك الآن. لقد حصلنا على دعم عربي رائع. لن يحدث لأنني أعطيت كلمتي للدول العربية. لن يحدث. [إسرائيل] ستفقد كل دعمها من الولايات المتحدة إذا حدث ذلك»، ورغم أن حزب نتنياهو لم يشارك بالتصويت، إلا أن قرار الكنيست جاء بمثابة إهانة علنية للولايات المتحدة، وهو ما أكد عليه نائب الرئيس جي دي فانس، الذي كان في تل أبيب أثناء التصويت، وأدلى بتصريحات من مطار بن غوريون قال فيها: «إذا كان هذا حيلة سياسية، فهي حيلة غبية جداً، وأشعر بالإهانة الشخصية منها. سياسة إدارة ترامب هي عدم السماح بضم الضفة الغربية».

استمرار الوضع الحالي سيفرض على الإدارة الأمريكية- إن كانت جادة في توجهها الأخير- أن تغير طبيعة التركيبة السياسية الحاكمة في «إسرائيل» وتبحث عن إطار أكثر مرونة وقادر على تلبية الاحتياجات الأمريكية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1249