الشيوعي الروسي يدين الشراكة مع الناتو

أصدر الحزب الشيوعي الروسي بياناً أدان فيه سياسة بوتين التي أدت الى الحد من القدرات الاستراتيجية الهجومية لروسيا وكذلك اتفاق الشراكة مع الناتو الذي يضعف أمن روسيا بشكل خطير.. وفيما يلي مقتطفات موسعة من البيان:

إن وضع روسيا يتدهور بسرعة. إن السياسة الخارجية للرئيس بوتين والأليغاركية التي تقف وراءه تهدد وجود البلاد بحد ذاتها. لقد تمت خيانة حلفاء روسيا الموثوقين, كما جرت إزالة القواعد في فييتنام وكوبا والتي شكلت أهمية كبرى لبلدنا. لقد ظهر الجنود الأمريكيون في آسيا الوسطى وجورجيا، وعما قريب سنرى طيران الولايات المتحدة في مطارات لاتفيا وليتوانيا وإستونيا. لقد تم الإعلان عن أن روسيا ودول الرابطة المستقلة تمثل مناطق مصالح حيوية للولايات المتحدة. إن احتواء روسيا استراتيجياً على وشك الاكتمال.

إن القدرة الدفاعية لروسيا يتم إضعافها بشكل متعمد، فسياسة بوتين-كاسيانوف تحرم البلاد من وسائل الحفاظ على القدرة القتالية للقوات المسلحة، فتحت غطاء تخفيض عدد قوات الجيش يتم تدمير الأخير بشكل علني وواضح.
خلال السنوات العشر الأخيرة لم يتم رفد الجيش بآليات وتجهيزات حديثة، وأمام أعيننا يتم تدمير الأسطول البحري، كما تم إغراق مصدر فخرنا محطة «مير» الفضائية، ومجمل الصناعة الفضائية الروسية تعاني من التفكك والانهيار. اليوم لا يجد الطيارون والبحارة وقوداً لإجراء طلعات جوية أو للخروج إلى عرض المحيط.
إن الوكالات الاستخبارية للولايات المتحدة وحلفائها تتغلغل في كل أنحاء روسيا دون عناء يذكر محاولة زرع عملائها في هرم السلطة الروسية. إن القوى الموالية للولايات المتحدة تحاول دون مواربة السيطرة على وزارة الخارجية والجيش والأجهزة الأمنية للدولة.
إن السلطة الحالية لا تحتاج إلى جيش وطني قوي أو لأجهزة أمنية أمينة، بل إلى فرق من المرتزقة مستعدة لقمع أي احتجاج لشعب مقهور، وهذا ما ستفضي إليه سياسة «الإصلاحات العسكرية».
إن الغرب ليس بحاجة لاحتلال أراضينا فالسلطة الروسية تعدها ليتم بيعها للأجانب. والولايات المتحدة ليست مضطرة لنسف مصانعنا فـ «الإصلاحيون» قد تكفلوا بتدمير صناعات بأكملها وهم ماضون بالمتاجرة ببقايا ملكية الدولة تلقاء أثمان بخسة. لا تحتاج الولايات المتحدة إخافة شعبنا فأجهزة الإعلام المرئية الروسية أصبحت وسائل للإرهاب النفسي والتحلل الأخلاقي للمجتمع.

لقد تحولت الانتخابات إلى مهزلة تهدف إلى تثبيت سلطة القوى المعادية لروسيا. إن عملية بيع محطات التوليد الكهربائية وخطوط السكك الحديدية التي يتم الإعداد لها ستؤدي إلى خسارة نهائية للسيادة الوطنية.
لقد بات جلياً تماماً الطابع الطبقي لنظام بوتين-كاسيانوف المكرس لخدمة طبقة الأوليغاركيا الضيقة والمسيطرة على المقدرات الوطنية. وأما العلاقة المتسمة بالخنوع والتي تربط أصحاب الكريملن الحاليين مع الإدارة الأمريكية فتدل على استعدادهم للوقوف في خدمة الرأسمال المالي الدولي المضارب.
إن الولايات المتحدة لا تخفي سعيها نحو السيادة العالمية لكن وجود روسيا التي ما تزال تملك قدرات صاروخية-نووية ملموسة يحول دون ذلك. من هنا تأتي «مداراة» الرئيس الأمريكي لبوتين الذي يتحول أمامنا إلى «الشريك الأصغر» المحروم من أي حقوق والمتغاضي عن طموحات السيطرة الأمريكية.
إن اتفاقية الحد من القدرات الاستراتيجية الهجومية الموقعة بين بوش وبوتين تقر برنامجاً أحادي الجانب لنزع السلاح النووي الروسي. فالرؤوس النووية الـ 1500 التي يسمح لروسيا بالاحتفاظ بها حسب الاتفاقية هي تماماً ذلك العدد الذي تستطيع اعتراضه منظومة الدفاع الأمريكية المضادة للصواريخ. في الوقت نفسه يتم الإعداد لإجراء خصخصة مدمرة للمصانع الروسية التي ما تزال قادرة على إنتاج أسلحة متطورة. وأما القاعدة العلمية للدفاع الاستراتيجي الروسي فقد جرت تصفيتها بشكل شبه كلي.
هذا كله يحصل في ضوء تعاظم جبروت الولايات المتحدة، فميزانية الدفاع الأمريكية لعام 2003 بلغت رقماً فلكياً 400 مليار دولار. والولايات المتحدة أبقت بشكل شبه كامل على قواها النووية وفي الوقت نفسه فقد شرعت بإنشاء منظومة وطنية مضادة للصواريخ. وهكذا فإن الأسلحة الأمريكية ستنتقل إلى الفضاء حيث سيتم توجيهها نحو دول وشعوب لا ترضى عنها الولايات المتحدة. هذا كله يترافق مع إنجاز منظومات جديدة لأسلحة فائقة الدقة.

تسعى الولايات المتحدة لتأمين مصالحها عن طريق السيطرة العالمية لقواتها المسلحة, ففي واقع الحال تخوض الولايات المتحدة حربها ضد العالم كله فارضة معاييرها ومبتزة شعوباً بأكملها. فالولايات المتحدة سمّت عدداً من البلدان الصديقة دولاً «مارقة» مثل كوبا، إيران، العراق، ليبيا، سورية وكوريا الشمالية وهي تستعد لتوجيه ضرباتها نحوها.
إن روسيا نفسها تمثل أحد الأهداف الرئيسية لهذه الحرب، فالولايات المتحدة أعلنت على الملأ أن روسيا ومعها الصين وعدداً آخر من الدول ما تزال تحت تصويب الأسلحة النووية الأمريكية. أما الشراكة الزائفة بين البيت الأبيض والكريملن في الصراع ضد «الإرهاب الدولي» والذي تقف خلفه طبعاً الأجهزة الاستخبارية فلم يخفف من عداء الغرب نحو بلادنا بأي شكل. إن إضعاف ومن ثم إنهاء القدرات النووية الروسية سيفسح الطريق أمام إطلاق عنان إرهاب الدولة الأمريكية المنفلت ضد العالم أجمع.

إن انضمام دول البلطيق وأوروبا الشرقية إلى حلف الناتو يشكل خطراً كبيراً على روسيا مما يؤدي إلى وصول قوات الناتو إلى حدود روسيا مباشرة, وهذا يفتح إمكانية تكرار مأساة عام 1941. إن عدوان ألمانيا النازية على الاتحاد السوفييتي سبقه استعباد أوروبا الشرقية واجتياح يوغوسلافيا. ونحن نشهد اليوم تكراراً للسيناريو نفسه.
إن إنشاء مجلس روسيا-الناتو (مجلس العشرين) يشكل خديعة هدفها حرمان روسيا من إرادة المقاومة ضد التوسعية الجديدة. ففي هذا المجلس لا تملك روسيا حق التصويت في أي من المسائل الأساسية وفي الوقت نفسه فإنه يسمح للناتو بالتدخل في الشؤون الداخلية لروسيا. إن هذا التحالف المنافي لطبيعة الأمور يسيء إلى علاقاتنا مع الصين والهند والدول العربية والعالم الإسلامي كما أنه يبعدنا عن دول أمريكا اللاتينية وافريقيا.

لقد اتخذ الكريملن قراراً هاماً في المجال العسكري-الاستراتيجي دون التشاور مع الحليف البيلاروسي الذي نحن بصدد إقامة دولة اتحادية معه.
نحن ندين اتفاقية الحد من القدرات الاستراتيجية الهجومية وكذلك اتفاق الشراكة مع الناتو الذي يضعف أمن روسيا بشكل خطير.      

معلومات إضافية

العدد رقم:
177