مجزرة أوسيتيا...من موّلها ومن نفذها؟ وإلى أين ستذهب بروسيا؟

■ 400 طفل ثمن باهظ للدخول إلى اللعبة السياسية الدولية!.

■ أزمة الرهائن انتهت... والتداعيات في تفاقم مستمر

انتهت أزمة الرهائن في أوسيتيا، وبدأت تداعيات الأزمة. أكثر من 400 قتيل حسب آخر الإحصائيات، وأعداد كبيرة من الجرحى، كشفت عن ضعف كبير في الإدارة الروسية إستخباراتيا وعسكرياً وأمنياًَ، وحتى في المجال الصحي. بدأت التداعيات مع ضياع هوية منفذي العملية. لتفتح على عدو وهمي.. معلومات متضاربة حول واقع احتجاز الرهائن والمطالب وحيثيات عملية أوسيتيا برمتها وبين عرض إسرائيل السخي في التعاون، بدت الأمور أكثر ضبابية، ومع قلة بل وانعدام المعلومات، وتنصل الكثير من الجهات من مسؤوليتها عن هذه العملية بعد أيام من انتهاء الأزمة، يبدو أن الحقائق لن تجد طريقها إلى النور.

واستمرت حدة ووتيرة الأحداث بالتصاعد، لتتوج باختفاء طائرة عسكرية روسية وطاقمها المؤلف من ثلاثة أشخاص بعيد إقلاعها بقليل من العاصمة الشيشانية غروزني، في طريقها إلى عاصمة أنغوشيا.. بعد أن أصبحت الطائرات العسكرية الروسية تعتبر من الأهداف المتكررة للمقاتلين الشيشانيين.

غياب الحقيقة:

السلطات الروسية تروي قصة والمصادر الشيشانية تروي قصة أخرى.الرواية الروسية تقول إن مختطفي الرهائن جماعة متعددة الجنسيات ذات صلة بقائدي المتمردين الشيشان شامل باساييف ودوكو عماروف وتحصل على تمويل من تنظيم القاعدة. والرواية الشيشانية كما ينقلها مبعوث المتمردين الشيشان في أوروبا أحمد زكاييف فتقوم على أن المهاجمين ربما من مواطني اوسيتيا أو أنجوشيا ولكنهم ليسوا من الشيشان.

وقد تفسر الروايتان وجود عرب بين المهاجمين. كما أن القوات الروسية تعتقد أن ماجومت يفلوييف الذي تفيد بعض المصادر بأنه من أنجوشيا وفلاديمير خودوف من سكان شمال أوسيتيا كانا من مدبري الهجوم (ويعتقد أنهما استخدما اسمي ماجاس وعبد الله).

وليست هوية المهاجمين وحدها الأمر الغامض. فمطالبهم هي الأخرى ليست معروفة.

تفيد الأنباء أنهم في بادئ الأمر طالبوا بالافراج عن المقاتلين المعتقلين في أنجوشيا على علاقة بهجوم حزيران. ثم يقال إنهم طالبوا بانسحاب القوات من الشيشان. وفي اليوم الثاني من الحصار قالت مصادر روسية إن المهاجمين لم يدلوا بمطالب واضحة. وفي اليوم الثالث قال زعيم شمال أوسيتيا إنهم يطالبون باستقلال الشيشان.

وبرغم الغموض الذي يخيم على هجوم بيسلان فان الحادث يشير إلى بعض التوجهات.

أولا يبدو أن الشيشان باتت مصدرا لحالة عدم الاستقرار مرة أخرى، وسوف تلعب دوراً أكبر من مساحتها وموقعها الجيوسياسي الحالي، وربما ستكون البوابة والمحرك لدخول روسيا إلى الأحداث العالمية.

فالهجمات التي وقعت في أنجوشيا في حزيران قام بها شيشانيون ومواطنون من أنجوشيا. وفي الأسبوعين الماضيين كانت هناك موجة من الهجمات القاتلة في موسكو.

وفي وقت سابق وقعت سلسلة من الهجمات على قطارات جنوبي روسيا. وجميعها حوادث تعطي مسحة من المصداقية على تحذيرات أعداء موسكو، من داخل البيت الروسي ومن خارجه.

ثانيا، مأساة هجوم بيسلان، والذي كان ضحاياها من الأطفال الأبرياء، تشير إلى أن أعداء روسيا في شمال القفقازأصبحوا أكثر تشددا.

فترجح مصادر موثوق بها من الشيشان ان مسخادوف، زعيم المتمردين الشيشان، أصبح مهمشا على أيدي متشددين من أمثال باساييف وعماروف. ولن يهدئ من روع السلطات الروسية إذا برئت ساحة باساييف، الذي ذاع صيته بعد سيطرته على مستشفى للولادة جنوبي روسيا في 1995 والتدبير لاحتجاز رهائن في مسرح موسكو قبل عامين.

إسرائيل تدخل في الإطار

فتكتمل الصورة:

ويبدو أن القلق والخوف الذي أبدته الكثير من الأوساط السياسية في موسكو بات مشروعاً، من أن تتحول القفقاز«بدعم من جهات خفية كثيرة إلى منطقة توتر تلعب دوراً في السياسات الروسية عن طريق التحكم بالأبعاد الدينية والقومية لتلك المناطق»، فمع إعلان أرييل شارون تعزيز التعاون الاستخباراتي مع موسكو لمكافحة الإرهاب خلال لقائه اليوم مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

وأكد المسؤول أن شارون «يريد مكافحة الإرهاب الذي يقوده الجهاد الإسلامي العالمي المؤلف من مجموعات عدة عبر تعزيز التعاون مع روسيا التي تلقت ضربة قاسية». وأشار المسؤول إلى ان لافروف سيجري محادثات مع شارون ومع نظيره الإسرائيلي سيلفان شالوم.

وأضاف «الزيارة كانت مرتقبة قبل الاعتداء الإرهابي في اوسيتيا» الشمالية.

وتابع «في النهاية فهم الروس انه لا يمكن التفريق بين إرهابي جيد وآخر سيئ». وقال «لا يمكننا رفض إدانة ما يسمى بحركات التحرير الوطنية التي تلجأ إلى الإرهاب والاكتفاء بالتنديد بالحركات الإسلامية الراديكالية».

وأكد ان «القاعدة وحماس وحزب الله وغيرها من المنظمات المشابهة تنتمي إلى تيار الجهاد الإسلامي العالمي».

ورأى ان احدى سبل مكافحة «مثل هذه الظاهرة التي تهدد بزعزعة العالم الحر تكمن في ممارسة ضغوط دولية لثني بلدان مثل سورية وإيران عن دعم الإرهاب الذي لا يمكنه ان يصمد ان لم يتلق دعما من دول».

 

وعبّر شارون عن دعمه الكامل لروسيا عقب «الاعتداءات الإرهابية ضد مدنيين وتلاميذ مدرسة». وقال في بيان رسمي إن «إسرائيل تقف إلى جانب روسيا في هذه الساعات الحرجة. وهي تقدم دعمها الكامل وتشاركها الحزن».

معلومات إضافية

العدد رقم:
229