الحشود الأوكرانية تطالب القوات الأمريكية بالرحيل
كانت مجموعة من جنود المارينز الأمريكي الاحتياط هدفاً لأعمال الاحتجاج المناهضة للناتو، التي انطلقت في منطقة القرم الأوكرانية، ذات الغالبية الناطقة بالروسية، في محاولة من الحشود المتظاهرة لقطع الطريق على الرئيس فيكتور يوشينكو المندفع نحو قيادة بلاده إلى عضوية الحلف الغربي، في وقت يستعد فيه مئة من عناصر المارينز حالياً لإجراء مناورات عسكرية أمريكية-أوكرانية مشتركة في شهر تموز المقبل. وكانوا قد نقلوا بالحافلات للانضمام إلى مجموعة من الموظفين الأمريكيين، وطواقم الصحة التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية في مدينة فيودوسيا، على البحر الأسود، عندما قطع المتظاهرون المحتجون طريقهم، الساعة الرابعة فجراً.
وبثت القناة الفضائية الحكومية، الناطقة باللغة الروسية، شريطاً مصوراً لحشد من المتظاهرين يطوّقون الحافلات في جنح الظلام، ويهزونها إلى الأمام والى الخلف، رافعين شعار: «أيها اليانكيّون، عودوا إلى بلادكم!». وكانوا يصيحون به بأعلى أصواتهم باللغة الانجليزية، فاستدارت القافلة راجعة، ونقلت رجال المارينز إلى بلدة »ألوشتا» الساحلية على البحر الأسود أيضاً.
وبث تلفزيون «روسيا» كذلك صوراً للمتظاهرين وهم يتجمعون هناك، ويرفعون شعارات معادية لأمريكا، وعلماً احمر طويلاً كتب عليه: «الشعب في ألوشتا يطالب: لا للناتو في أوكرانيا» كما صرخت امرأة في منتصف العمر من مكبر للصوت تقول: «ارحلوا عن هذا المكان، فلسنا بحاجة إليكم. عودوا إلى أمهاتكم».
وكانت مظاهرات الاحتجاج قد بدأت قبل أسبوعين، عندما رست باخرة أمريكية في ميناء فيودوسيا وعلى ظهرها طواقم موظفين ومعدات تستخدم في تهيئة المرافق العسكرية الأوكرانية، التي ستجرى فيها المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة، وتحمل اسم «نسيم البحر 2006» حيث اعترض السفينة المتظاهرون.
وبموجب القوانين الأوكرانية، ينبغي على البرلمان المصادقة سنوياً على دخول القوات الأجنبية إلى البلاد، لإجراء تدريبات عسكرية، وهذا أمر شكلي في العادة. لكن البرلمان صوّت في شهر شباط الماضي، أي قبل الانتخابات التي جرت في آذار، ضد مشروع قانون كان، لو نجح، سيمنح مثل هذا التصريح، أما البرلمان الجديد، الذي لم يتوصل بعد إلى اتفاق على تشكيل الحكومة المقبلة، فلم يعقد إلا اجتماعاً واحداً قصيراً منذ تلك الانتخابات، وستعقد جلسته التالية في وقت قريب جداً، وتأمل الحكومة المنصرفة بالحصول على موافقة البرلمان على إجراء التدريبات العسكرية في هذه الجلسة. وفي مظاهرة الاحتجاج التي قامت بمدينة فيودوسيا أكد ليونيد غراش، احد زعماء الحزب الشيوعي، أن الرئيس يوشينكو «خائن لمصالح أوكرانيا» مضيفاً في حديثه للمتظاهرين: «على سكان القرم أن يعلنوا على الملأ أنهم قادرون على حماية أنفسهم من الخونة السافرين في كييف، الذين سيحاولون سلق قانون بصورة مستعجلة وغير مدروسة، عبر البرلمان، يوم السابع من تموز، حول نشر قوات الغزاة الأمريكيين في القرم. وعلى الشعب الدفاع عن وحدتنا السلافية ولن نتخلى عن إنش واحد من أرضنا لتدوسه أحذية الجنود الأمريكيين».
ويقول المحتجون في منطقة القرم، وكذلك المنتقدون الآخرون للرئيس يوشينكو، إنه نظراً لان البرلمان لم يسمح حتى الآن بوجود قوات أجنبية لأغراض التدريب، فان وجود الطواقم العسكرية الأمريكية في البلاد غير شرعي.
و أصدرت وزارتا الدفاع والخارجية الأوكرانيتان بيانا مشتركاً مؤخرا، هاجمتا فيه أعمال الاحتجاج، قائلة إن أكثر من عشر دول أخرى كان من المتوقع لها أن تشارك في المناورات المذكورة لكنها اعتبرت شكلياً كعمل أوكراني-أمريكي أكثر منه نشاطاً لمنظمة معاهدة شمال الأطلسي. أما الدول الأخرى المشاركة. فتشمل تركيا واليونان ومقدونيا وجورجيا واسبانيا وقال البيان إن هذه المناورات لن تجري دون مصادقة البرلمان.
لقد حدد الرئيس يوشينكو الحصول النهائي على العضوية في الناتو واحداً من أهدافه الرئيسية. غير أن استطلاعات الرأي تبين أن غالبية المواطنين تعارض ذلك. إذ بين استطلاع أجرته مؤسسة المبادرات الديمقراطية وهي منظمة أوكرانية غير حكومية، متخصصة في الدراسات الإحصائية، في شهر كانون الثاني، أن 19 بالمائة من المستطلعة آراؤهم أيدوا الدخول في الحلف، وان 55 بالمائة عارضوا مثل هذا الاقتراح، أما الباقون فلم يكن لديهم رأي في ذلك.
ويؤكد العديد من منتقدي الناتو إن الحلف سيفاقم العلاقات الأوكرانية التقليدية مع روسيا، بينما لا يقدم لأوكرانيا إلا منافع أمنية ضئيلة. فقالت س يتلانا شيفتشينكو، إحدى المتظاهرات خارج مبنى أحد المشافي أمام تلفزيون روسيا، «التحق ابني بالجيش يوم 10 نيسان، وقد ودعته لأن بلادنا مسالمة، أما الآن، وقد دخلت إليها قوات الناتو، فلا أريد لأبني أن يقاتل، فليس هذا هو الهدف الذي ربيته من أجله. لم أربيه كي يقتل من أجل قيم لا يعلمها إلا الله».