رغم عناوين الصحف: الاتحاد الأوربي يعامل «إسرائيل» كعضو كامل
بروكسل- لو جاز الحكم على الأمور بمجرد الإطلاع على عناوين الصحف، لجاز القول إن العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوربي كانت متوترة على مدى غالبية عام 2009. لكن الواقع ليس كذلك.
صحيح أن محكمة بريطانية وقعت مؤخراً تحت سيل من الانتقادات العنيفة من الساسة الإسرائيليين، لإصدارها مذكرة توقيف ضد وزيرة خارجية إسرائيل السابقة إثر شكاوي ترخيصها ارتكاب جرائم حرب في غزة.
وصحيح أن شركتي «إيكيا» و«فولفو» وغيرهما من شركات السويد التي تترأس الاتحاد الأوربي بالتناوب، قد وقعت منذ بضعة أشهر، ضحية حملة مقاطعة من المستهلكين الإسرائيليين بسبب المقالة التي نشرتها جريدة سويدية عن سرقة أعضاء من جثث فلسطينيين قتلتهم القوات الإسرائيلية.
وصحيح أيضاً أن إسرائيل حظرت وزراء خارجية دول عدة أعضاء في الاتحاد الأوربي كفرنسا وايرلندا من دخول غزة.
كل هذا شغل عناوين الصحف ومقالاتها. لكن الواقع هو أن كل هذه التوترات كانت سطحية.
فقد ازدادت الروابط السياسية والاقتصادية بين الاتحاد الأوربي وإسرائيل وثوقاً وتعززاً في الأعوام الأخيرة إلى حد قول ممثل العلاقات الخارجية الأوربية خافيير سولانا، في نوفمبر الماضي، بأن إسرائيل هي دولة عضو في الاتحاد الأوربي في كل شيء ما عدا الاسم.
وربما كان أحدث الأدلة الواضحة على تمتين هذه العلاقات، التوقيع في نوفمبر على اتفاقية زراعية تقضي بإلغاء الضرائب والرسوم على 80 في المائة من المنتجات الطازجة و95 في المائة من المنتجات الغذائية المصنعة التي تصدرها إسرائيل إلى دول الاتحاد الأوربي.
كما تم الانتهاء من إعداد اتفاقية تعاون بين مكتب الشرطة الأوربي «يوروبول» وإسرائيل، على الرغم من التقارير العديدة الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان حول ممارسات التعذيب المتواصلة ضد المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل.
كذلك، يتزامن اندماج إسرائيل الفعلي في الاتحاد الأوربي مع التردد الملحوظ من أوربا في إدانة ممارسات الاعتداء على الفلسطينيين.
فعلى الرغم من حالات منفردة لممثلين عن الاتحاد الأوربي أدانوا حصار غزة بأنه «عقاب جماعي»" ضد 1.5 مليون مواطن مدني، لم تصدر عن الاتحاد الأوربي، ككتلة، أية بيانات رسمية بانتقاد الحصار باعتباره انتهاكا للقوانين الإنسانية العالمية.
يضاف إلى ذلك أن الدول الأوربية ذات التعداد السكاني الأكبر (ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، أسبانيا، بولندا) اعترضت على تقرير غولدستون أو امتنعت عن التصويت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر الماضي.
صرح درايز فون أغت، رئيس وزراء هولندا السابق من 1977 حتى 1982، أنه يشعر «بالعار» من تجاهل أوربا للقانون الدولي، وأكد أنها فاشلة فشلاً ذريعاً في سياستها الإسرائيلية-الفلسطينية ، حيث «تكتسب الأسواق الأوربية الكبيرة المفتوحة أهمية حيوية للاقتصاد الإسرائيلي. فلماذا لا ينظر الاتحاد الأوربي في إمكان استخدام هذه القوة للضغط على إسرائيل؟».
وأدلي فون أغت بهذه التصريحات في أثناء اجتماع لمحكمة راسل عن فلسطين، وهي المحكمة التي تأسست إثر تحقيقات أطلقها المفكر البريطاني المعروف برتراند راسل في الستينات عن حرب فيتنام، والتي تنظر الآن في ممارسات إسرائيل خلال حربها الأخيرة على غزة.