توازنات إقليمية جديدة في القمة الإسلامية
انعقدت القمة الإسلامية بدورتها الثانية عشرة بتاريخ 6 شباط 2013 في القاهرة في ظل متغيرات تشهدها الساحة العربية والدولية، وتمحورت القمة في مباحثاتها حول ثلاث قضايا أساسية: وهي الأزمة السورية، والقضية الفلسطينية، والوضع في مالي، بينما تجنبت التطرق إلى التحولات التي تشهدها الساحة المصرية!.
تمثل المشهد الأبرز في القمة بحضور الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، حيث تعتبر زيارته الأولى من نوعها لرئيس إيراني إلى مصر منذ ثلاثة عقود، في إشارة واضحة إلى بداية نشوء توافقات إقليمية جديدة تأتي انعكاساً مباشراً لتغير في التوازنات الدولية المتغيرة بفعل الأزمات الاقتصادية والسياسية المتصاعدة في المراكز الرأسمالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وصعود دول أخرى تسعى لأن يكون لها دور فاعل على الساحة الدولية.
وفي هذا السياق جاء تصريح نجاد حيث قال : «ستتغير الجغرافيا السياسية لأي منطقة، وكذلك المعادلات السياسية إذا اتحد البلدان.. وستضطر باقي الدول إلى اللحاق بركبهما» . أما بخصوص من يقلقه التقارب الإيراني – المصري ومن قد يسعى للتعطيل، فيرى نجاد أن «من يفقدون مصالحهم هم من يعارضون تقدم منطقتنا، هؤلاء هم المستعمرون الذين يأتون إلى المنطقة للتأثير في أصحاب الفكر الضيق « .
على صعيد الأزمة السورية تبنى البيان الختامي للقمة مبادرة الرئيس محمد مرسي بالدعوة إلى حوار رباعي بشأن الأزمة السورية، و ترتكز المبادرة على وحدة الأراضي السورية والحوار الشامل بين الأطراف السورية المختلفة، والاستجابة لأي جهد من أي دولة عضو تشارك في هذا الحوار، وأشارت أنها مازالت تؤيد جهود المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي، بالمقابل أعربت عن قلقها من عجز مجلس الأمن عن القيام بمسؤولياته، في ظل جمود التحركات الدولية إزاء المسألة السورية وذلك حسب ما جاء في البيان، وهو مايؤشر إلى أن التوازن الإقليمي الجديد أفضى إلى فكرة الحوار كمقولة أساسية في حل الصراع السوري خلافاً لإرادة الغرب.
أما في الشأن الفلسطيني، فقد أقرت القمة بنداً يتعلق بعقد مؤتمر للمانحين في إطار خطة استراتيجية لتنمية القدس، كما قررت القمة تشكيل شبكة أمان مالية إسلامية لمساعدة فلسطين جراء احتجاز «إسرائيل» للعائدات المالية الفلسطينية، عقب حصول فلسطين على وضع دولة مراقب غير عضو بالأمم المتحدة. وأكد البيان أن موضوع الاستيطان عنوان مهم ومحور رئيسي للقمة باعتباره «قضية كبرى» يتوجب التصدي لها على مختلف المستويات السياسية والقانونية، واتفقت الدول الأعضاء على دعم التقرير الذي صدر في آذار 2012 عن مجلس حقوق الإنسان الدولي بدعم من المجموعة الإسلامية، والذي يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق حول الاستيطان «الإسرائيلي»، و سيعمل القادة على حشد جهود المجموعة الإسلامية لاستثمار هذا التقرير، من أجل إصدار قرار واضح من المجلس ضد «إسرائيل» ونقل ذلك إلى مجلس الأمن الدولي، كما دعت القمة جميع الفصائل الفلسطينية إلى إنجاح المصالحة الوطنية.
أما بخصوص الأزمة في مالي، فقد تجنبت القمة أي نقد أو تطرق إلى التدخل العسكري الفرنسي في مالي، مكتفية بإدانة الأعمال التي ترتكبها الجماعات «الإرهابية» ، و إلى تأكيد تضامن الدول الأعضاء مع وحدة أراضي مالي ودعم الحكومة «الوطنية» الانتقالية، ودعم جهودها لاستعادة أراضيها وتأييد الجهود المبذولة لنشر البعثة العسكرية الدولية بقيادة أفريقية في مالي، كما حثت القمة السلطات المالية على وضع خارطة طريق لتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في إطار نهج شامل لمعالجة الأزمة، مع تشجيع جهود الأمين العام من خلال مبعوثه الخاص إلى الأزمة في مالي من أجل الدخول في عملية تفاوضية، ورفض الإرهاب والتطرف والاعتداءات على الأماكن التاريخية، وبدا هذا الموقف وكأنه إقرار بالتدخل العسكري دونما أي معارضة جدية.
كما تطرقت مسودة البيان إلى عدد من الأزمات في الدول الإسلامية وبينها البحرين، حيث ثمنت مبادرة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة للحوار الوطني مرجحة بذلك صوت الأنظمة الخليجية في قراءة الحدث البحريني. وفي ما يخص لبنان، أكدت المسودة على دعم لبنان لاستكمال تحرير جميع أراضيه، مدينة بشدة الانتهاكات «الإسرائيلية» المتواصلة للسيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً، في مشهد مكرر عن كل النسخ السابقة لهذه القمة!!