قلوب الناس تغلي
المراسيم الجمهورية الثلاثة الصادرة قبل أسبوعين لم تبرد قلوب السوريين بعد، ويبدو أنها لن تكون قادرة على ذلك،
المراسيم الجمهورية الثلاثة الصادرة قبل أسبوعين لم تبرد قلوب السوريين بعد، ويبدو أنها لن تكون قادرة على ذلك،
على الرغم من الحديث اليومي عن محاربة الفساد، والإصلاح الإداري، وخفض الهدر والإنفاق الحكومي خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة، إلا أن الوقائع اليوم تشير مؤكدة إلى أن الجهاز الحكومي والمراكز العليا في الجهاز الإداري حظيت بالامتيازات الكبيرة مادياً واجتماعياً، وصبت في جيوبها قنوات التنفيع، والمحسوبية، وعمولة الواسطة، مما أعاق أي إجراء لتحسين الاستثمار أو الإنتاجية، أو الأخذ في الاعتبار معايير الكفاءة والإنتاجية.
قطاع الاتصالات عموماً، والخليوي بشكل خاص يعد أحدى المصادر الأساسية لتمويل الموازنات العامة في أغلب بلدان العالم، كما أن إيرادات هذا القطاع لا تقل أهمية عن الإيرادات الضريبية في الثبات والاستقرار، فهو أحد موارد التنمية المستدامة، ولهذا فهو يحمل كتفاً من ثقل الموازنة العامة، ولكن جعل هذا القطاع بيد الشركات الخاصة حرم، وسيحرم الخزينة العامة من مئات المليارات التي يفترض بها أن تعود بالنفع على عموم الشعب السوري، إلا أن تلزيم هذا القطاع لشركتين أو ثلاث يعني حرمان 20 مليون مواطن سوري من الاستفادة من إيرادات الخليوي، وإدخالها في جيوب مستثمري هذا القطاع.
أصدر السيد رئيس الجمهورية في منتصف شهر شباط الماضي المرسوم رقم /70/ للعام 2011، الذي يقضي بتخفيض نسب الرسوم الجمركية على عدد من المواد الاستهلاكية المستوردة، حيث تم تخفيض الرسوم الجمركية على الحليب المجفف من 10% إلى 5%، وعلى البن المحمص من 20% إلى 15%، وعلى الشاي من 10% إلى 7% لعبوات 3 كيلو غرام فما دون، وعلى العبوات التي تزيد عن 3 كغ تم تخفيض الرسوم من 5% إلى 3%، وتم تخفيض الرسوم على الأرُز من 3% إلى 1%، وعلى الموز من 40% إلى 20%. كما أصدر رئيس الجمهورية المرسوم التشريعي رقم /23/ لعام 2011 الذي يقضي بتخفيض رسم الانفاق الاستهلاكي للزيوت والسمون النباتية والحيوانية والبن غير المحمص والسكر بأنواعه المختلفة.
قبل دفعها إلى المذبح.. إنقاذ الثروة الحيوانية واجب وطني ملحّ!
من المسؤول عن نهب 20% إلى 40% من موازنة الدولة؟ وعن كون نسبة 14% من الشعب السوري تعيش تحت الحد الأدنى للفقر، وكون ما بين 14% إلى 20% عاطلين عن العمل؟
لا يسعني قبل كل شيء إلا أن أحيي الخطوة الديمقراطية البارزة، في طرح مشروع الموضوعات البرنامجية للنقاش في جريدة قاسيون، بهدف المساهمة في صياغتها جماعياً.. وسوف أتوقف عند بعض النقاط..
تشهد السياسات الاقتصادية في سورية وخاصة في السنوات الأخيرة تسارعاً في التحول بالاتجاه الليبرالي، الذي يكرس سياسة السوق الحرة والخصخصة، ويدفع نحو التخلي عن دعم القطاع العام تمهيداً لبيعه، ويسرّع عملية الانسحاب التدريجي للدولة من دورها الرعائي وصولاً إلى التخلي الكامل عن دورها الاجتماعي. وتحت شعار السوق «الاجتماعي» أطلقت الحكومة سياسة السوق المنفتحة والمنفلتة من قيود الرقابة ومن أية ضوابط ناظمة لحركة راس المال والاستثمارات، في حين يدّعي أصحاب القرار الاقتصادي بأن هذا الشكل من التوجهات الاقتصادية يراعي ويحافظ على مصالح الفئات والشرائح الاجتماعية الفقيرة وذوي الدخل المحدود، ولكن على أرض الواقع يزداد التناقض بين ما تصرح به الحكومة وبين ما ينفذ فعلياً، والذي يتناقض وبشكل واضح وفاضح مع مصالح غالبية الشرائح والفئات الاجتماعية الفقيرة والمفقرة، والتي تتزايد أعدادها باطراد ويتعمق فقرها بسرعة مخيفة، ليتم في سياق هذه السياسة التخلي عن كل ما له علاقة بالتنمية الاجتماعية البشرية التي هي مسؤولية الدولة قانونياً وموضوعياً.
خمس سنوات عجاف مرّت على الميزان التجاري السوري، هذه السنوات المريرة التي حولته من الربح إلى العجز، في الوقت الذي تصرّ فيه الجهات الحكومية على اعتراف واحد وهو:
أقامت هيئة تخطيط الدولة بالتعاون مع معهد التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ورشة عمل حول ربط التعليم بسوق العمل في قاعة رضا سعيد للمؤتمرات استمرت يومين، وشارك فيها ممثلون من وزارة التعليم العالي والتربية والصناعة، بالإضافة إلى أساتذة من جامعة دمشق، كما تم استعراض التجربتين المصرية والألمانية في هذا المجال بحضور ممثلة من المعهد القومي للتخطيط في مصر وممثل من الهيئة الألمانية للتعاون التقني.