قاسيون 2010.. مواجهة شاملة مع السياسات الليبرالية

عالجت جريدة قاسيون خلال العام المنصرم 2010، على امتداد 49 عدداً، أي منذ العدد 435 وحتى العدد 483، وبما يقارب من 130 مادة صحفية، أهم القضايا والتطورات الاقتصادية التي عاشتها سورية خلال عام 2010، بكل ما حفلت به من قرارات حكومية ساهمت في تراجع المستوى المعيشي للمواطن السوري، أو الاستمرار في نهج «التشاركية» الذي هو في المحصلة نوع من الالتفاف على الخصخصة المباشرة، وخصوصاً أن هذه «التشاركية» تتم في أهم القطاعات الاقتصادية والأكثر حساسية، من الكهرباء إلى النقل إلى البنية التحتية ..إلخ .

وشكل النموذج الاقتصادي البديل، أهم الملفات التي تطرقت إليها صفحات جريدة «قاسيون» على امتداد ستة أعداد بين العدد 467 – و478، والذي تضمن الرؤية الاقتصادية البديلة للنموذج الاقتصادي الحالي الذي ينتهجه الفريق الاقتصادي، وذلك انطلاقاً من إمكانات الاقتصاد السوري، والموارد المتاحة غير المفعلة التي يمتلكها هذا الاقتصاد، والذي يشكل نقطة ارتكاز لمعالجة أهم المشكلات البنيوية التي يعاني منها الاقتصاد السوري.

وأكد المشاركون في هذا الملف، وهم من أهم الاقتصاديين في سورية، أن ثمة مشكلات كبرى تعيق تحسين مؤشرات أداء الاقتصاد السوري الذي يدور في حلقة دائرية مغلقة.. ولكن يمكن كسرها..!. حيث أن الخلل معترف به، وهذا الخلل ما هو إلا نتيجة الهوية غير الواضحة للاقتصاد السوري.. مطالبين في الوقت ذاته، بالعودة إلى متطلبات التنمية المستقلة بالاعتماد على الذات، وبضرورة تفعيل دور الدولة على جميع الاصعدة الاجتماعية والاقتصادية بدلاً من السياسات الحالية الساعية إلى تقليص هذا الدور على طريق إلغائه، مشيرين إلى أنه يتوجب على الاقتصاد السوري اختيار النموذج الذي يناسبه، وينطلق من مكونات الواقع، بحيث يتم استغلال الموارد المتاحة بالحد الأقصى.

كما وضح كل من التقيناهم أن النموذج الاقتصادي الحالي لا يحظى بالتأييد الكافي والمطلوب لاقتصاد مقاوم، والذي يفترض به أن يعْتمد على موارد الوطن والمواطن الذاتية في جميع المجالات الاقتصادية، لأن الاقتصاد الحالي يحابي الفئة المترفة ويحْظَى بتأييدها على حساب تناقضه مع مكونات الجماهير الشعبية.

كما عالجت الصفحة الاقتصادية أيضاً موضوع الخلل بين كتلة الأجور وعلاقتها بالحد الأدنى لمستوى معيشة السوريين على امتداد خمسة أعداد تقريباً، لتثبيت حجم الفجوة بينهما، بالإضافة إلى الحديث عن العلاقة بين الأجور والتضخم، حيث َتبين تفوق الخطة الخمسية التاسعة على نظيرتها العاشرة بنحو 20% في مجال زيادة الرواتب والأجور، سائلين الحكومة، هل تساءلت يوماً عن حجم الفجوة الحاصلة بين متوسط إنفاق الأسرة السورية والدخل المتاح لها، والتي يتوقف على أساسها انخفاض أو ارتفاع المستوى المعيشي لهؤلاء السوريين؟

كما تطرقت الصفحة الاقتصادية أيضاً إلى ملف الدعم في العدد 466، و الذي يشكل أكثر الملفات اشتعالاً، بفعل التخبط الذي تعيشه الحكومة في مجال اختيار الوسيلة المعتمدة لتوزيع الدعم، المترافق مع «التطنيش» المتعمد لحاجات الشعب وضرورة إيصال هذا الدعم في وقته المناسب للسوريين، من خلال التساؤل عن الحكمة من الاستمرار في مشروع رفع الدعم عن المشتقات النفطية.

وتم التعريج أيضاً على آخر القرارات الحكومية في مجال رفع الدعم عن المواطن السوري، والمتمثل بالمقترح الذي قدمته وزارة النفط لتحرير حوامل الطاقة بشكل كامل في نهاية الخطة الخمسية العاشرة، تراجع الإنفاق على الصحة والتعليم وفق تقرير التنمية البشرية للعام الماضي.

كما تم التطرق إلى آخر «البدع» الحكومية، وهي موضوع الاقتراض الداخلي والخارجي على حدٍ سواء، والتي لوحت بهما الحكومة مؤخراً، لا بل إنها بدأت بالاقتراض فعلياً من الداخل والخارج.

أما بالنسبة للخطة الخمسية العاشرة أو كما تمت تسميتها بالجدلية، لكثرة ما شهدته من نقاش وجدل كبيرين لم تشهدهما أية خطة خمسية سابقة، سواءً في طبيعة توجهاتها، أو في النتائج المرتقب تحقيقها منها، والتي حظيت بتحليل وتفنيد دائمين على صفحات الجريدة، والتي ترافقت مع تعنت بعض أطراف الفريق الاقتصادي وبعض الجهات الحكومية وإصرارهم على تعداد «الانجازات» التي حققتها الخطة، متسائلين عن أية انجازات تتحدث الحكومة ما دامت الخطة باعترافهم لم تساهم في تحسين المستوى المعيشي للسورين أو تؤدي لتخفيض معدلات البطالة؟!