التوقعات الفلكية لصحفي كاذب: سورية ستتصدر قائمة أقوى اقتصادات العالم عام 2011!
لأنني لم أقتنع يوماً بما يقوله المنجمون أو ما يقال ويُكتب في الأبراج، سيراً على قاعدة «كذب المنجمون ولو صدقوا»، كتبت هذه المادة تحت هذا العنوان الذي لا ينطبق على كاتبها نهائياً، ولأن التوقعات الفلكية لقيت اهتماماً زائداً هذه الأيام، حتى من جانب المسؤولين، فإن من حقنا أيضاً أن نتوقع ونبوح بما يدور في أذهاننا من أفكار في نواحي الحياة كافة..
فعلى الصعيد الاقتصادي، وبسبب السياسة الرشيدة للحكومة وفريقها الاقتصادي، من المتوقع أن تحتل سورية مكانة مرموقة على سلم الاقتصاد العالمي، ومن المؤكد إنها ستتصدر قائمة أقوى اقتصادات العالم عاجلاً أم آجلاً، نظراً لقوة توجهات «اقتصاد السوق الاجتماعي» في مصارعته الاقتصادات الأخرى، ولعدم نديتها في منافستها لاقتصادنا، ولأجل هذا ستطلب المنظمات الدولية وبالأخص صندوق النقد والبنك الدوليين رضانا بجميع السبل، وستكافئنا بالتالي بترقية نائبنا الاقتصادي لقيادة المنظمتين الدوليتين وإنقاذهما من الهلاك والإفلاس المحتم، وكعربون محبة من النائب لهذا الشعب الذي أوصله إلى هذه المرتبة فإنه بدوره «سيبق البحصة» ويريح الشعب ويعلن له كيفية توزيع الدعم على مستحقيه، لكن شرط أن يثبت كل مواطن سوري أنه من الدرجة العاشرة، مع تقديم وثائق على أنه يتقبل كل أنواع الإذلال والإهانة والقهر، وأنه فقير بكل معنى الكلمة.
أما في المجال الصناعي فمن المعيب ألا تكون رؤيتي متطابقة مع رؤية وزارة الصناعة بأن البلد سيصبح بلداً صناعياً بكل المقاييس، خاصة وأننا رحنا ننتج، ولأول مرة، الإبرة والنكاشات والمحارم والبسكويت وبطاطا الشبيس، وقد أنتجنا ما يجعل الدول التي ليس بمقدورها مجاراتنا أن تطق، ولا تصنع سوى الطائرات والسيارات والصواريخ واليورانيوم المخصب الذي لم يعد يهتم به أحد حتى أصبح من الصناعات البالية، وبهذا سنرتاح ويرتاح كل من فكر بتقديم الاستقالة المسبقة أو الطوعية بحيث نفرغ المعامل من هؤلاء العمال المتداخلين على المهنة منذ سنوات، وليكونوا عبرة لكل من يفكر، من الآن فصاعداً، بالتوظف في القطاع العام الذي سيكون عام إصلاحه وتفريغه من كل شيء.
زراعياً ستكذب وزارة الزراعة كل من شكك بدخول قضية الأمن الغذائي مرحلة الخطورة، طبعاً أنا أولهم، وسيكون موسمنا الزراعي لهذا العام مزدهراً رغم أنوف الحاسدين، وسيصل الإنتاج من القمح وحده إلى الضعف المأمول منه في الخطة، وستتنازل الوزارة عن قرارها الذي صدر بكف يد الفلاحين عن أراضيهم في كل من اللاذقية والحسكة وتعيدهم إلى قراهم وتنهي كلياً الهجرة الداخلية التي أصبحت على كل لسان، وسنظل نزرع ونحصد إلى أن نصل إلى القمر.
رياضياً توقعي كان بسيطاً إلى درجة أنه التوقع نفسه الذي يختلج في نفوس 24 مليون سوري، وهو أننا سنفوز بكأس آسيا بكل تأكيد، ولن نترك مقولة «الكأس للمملكة» تمر مرور الكرام، بل سنمسح بها الأراض، كما سنمرغ رأس الكمبيوتر الياباني في الوحل، ونؤكد للأشقاء القطريين إن فوزهم باستضافة نهائيات كأس العالم لا يعني فوزهم بالبطولة، كما سنفوز بالبطولة العربية حتى ولو أصبحت البرازيل دولة عربية وشاركت فيها، وهكذا سيصبح تصنيفنا الأول عالمياً في كرة القدم رغم أنف الأسبان البرشلونيين منهم والمدريديين.
في مجال النقل سيتحقق عندنا ما تحقق في شوارع فيينا ودبي وموسكو وواشنطن، ولن نترك راديو تاكسي أو راديو باص أو راديو طرطيرة وإلا وننزله في شوارعنا، حتى يكف المواطن عن الحديث عن النقل الداخلي ومساوئه، وسيتم إزالة الكراسي عن أغلب سيارات الخدمة القديمة وستفرش الوزارة بدلاً عنها السجاد والموكيت، حتى يتفاعل المواطنون فيما بينهم ونعيش حالة اجتماعية سورية خالصة، ويتبادل المواطنون الأفكار والخطط، وسنجعل من السرافيس بداية ابتكاراتنا العظيمة، أسوة ببعض الوزراء الذين يضعون ويصنعون خططهم على متن الطائرات خوفاً من طيران الأفكار، وهكذا سنحل مشاكل النقل كلياً ولتندفس السكك الحديدية التي لم يترك كارل ماركس مناسبة وإلا تحدث عنها في مجلداته الاقتصادية.
في التعليم سنلقن المعلمين الذين لم يعجبهم المنهاج الجديد درساً لن ينسوه، ونبين لهم أن ما لطشناه من الفيزياء المسلية وكتب الرياضيات الأجنبية لم يكن سرقة، لأن كل من أخذنا منهم النماذج حرفياً ينحدرون إلى أصول عربية، ولنا الحق في إعادة ما سرق من تاريخنا وإرثنا إلى مكانه الطبيعي، ونؤكد لأولياء الطلبة أن مهنة ماسح الأحذية أشرف مليون مرة من مهنة صانع الزجاج، وإن من قال إنه علينا أن نضحي بأكثر من ثمانية أجيال، أي ما بعد بعد ولد الولد، على حق، وكل من عارضه على باطل، لذا على الجميع أن يعلم أن الحرب على النقاب ليست سوى البداية.. والقادم أعظم.
في مجال الصحة تأكدت من توقعاتي بأن الوزير لن يخيب ظني بعد أن حل المكتب الخاص به، وأبعد من كان سبب تخلف الوزارة وتخبطاتها إلى جهة بعيدة، وامتنع بقوة عن التجديد له وهو المحال إلى التقاعد منذ مدة، وسيكمل الوزير مشروعه دون خوف ويقيم المستوصفات والمشافي الحكومية في كل قرية ومدينة، ولن تتم خصخصة القطاع الصحي، وستظل المشافي ملجأً لمعالجة كل سوري دون انحياز.
في التعليم العالي لن تظل سياسة القبول الجامعي كما سياسة الخيار والفقوس، وسنجعل من العام 2011 عام التعليم المجاني في جميع مراحله، وسنغلق باب افتتاح الجامعات الخاصة، وسنقضي على كل دكتور فاسد في الجامعة، ولن نعتمد من الآن فصاعداً سوى على شعار«وقل ربي زدني علماً» وقد أعذر من أنذر.
في الكهرباء أتوقع وحسب إمكاناتي الفلكية الهائلة التي لا ينقصها شيء عن ماغي فرح أو مايك فغالي، أو حتى نجلاء قباني، أن كل ما قيل عن خصخصة الكهرباء كان هراء، وسيكون عام 2011 عام القضاء على الفاقد الكهربائي، ونكف عن سرقة الكهرباء، ولن يستخدم الموظفون الكهربائيون سياسة الابتزاز واللعب بالعدادات، ولن يستقبل أي مواطن سوري فاتورة أكثر من 500 ليرة سورية، والأهم من كل هذا أن سياسة التقنين والانقطاع الكهربائي ستصبح من المعجزات التي لن تحصل، وإن حصلت فلا حول ولا قوة إلا بالله.
أما في مجال السكن فإن أقل ما يمكن توقعه أنه لن يهدم بيت قبل أن يؤمن له البديل مهما حاولت أن تمشي عكس ذلك مكاتب التنظيم العمراني في المحافظات كافة، وستحل أزمة السكن كلياً حتى بدون الحاجة لتوزيع الـ500 ألف شقة التي مازالت في خبر كان، وسينال محررو قاسيون سكناً يليق بهم، بعد أن أمضوا عمرهم في الإيجار، وستنظم مناطق السكن العشوائي لكي تبدو أرقى من الفيلات الغربية وأبو رمانة.. وما في حدا أحسن من حدا.
أخيراً، ولأنني عملت جهدي وفكري بألا أزعج رئيس التحرير الجديد للجريدة الذي ترك مهمة سكرتير التحرير واستلم رئاستها في بداية هذا العام متزامناً مع تقديم توقعاتنا، اكتفيت بهذا القدر من التوقعات طالباً منه إعطائي المجال أخيراً في أن أتوقع أن المجردين من الجنسية من أجانب الإحصاء الاستثنائي في الحسكة، ستكون هذه السنة سنة فأل خير عليهم، وبهذا سنكون نحن والحكومة قد انتهينا من نقهم طيلة سبعة وأربعين عاماً «فقط»، ومبروك عليهم وعلينا نيلهم الجنسية السورية.
وكل عام وجميع السوريين بألف خير، رغم كل الويلات التي تحدنا من جميع الجهات.. ولا يسعني ختاماً إلا ترداد المقولة الشهيرة لرئيس الحكومة: «حسبي الله ونعم الوكيل».