رفع أسعار الكهرباء وتداعياتها... فاتورة جديدة يدفع ثمنها المواطن المفقر!
رشا عيد رشا عيد

رفع أسعار الكهرباء وتداعياتها... فاتورة جديدة يدفع ثمنها المواطن المفقر!

كان يترقب المواطن تحسناً للتغذية الكهربائية أملاً بتخفيف جزء من الأعباء التي لا تنتهي في حياته اليومية، ليجد نفسه أمام فصل جديد من المعاناة بإعلان وزارة الطاقة قرار رفع تعرفة الكهرباء (تاريخ31 /10/2025) باسم «العدالة» وتحت عناوين برّاقة عن «إعادة هيكلة عادلة... إلى حماية المنظومة الكهربائية»، فالعدالة بالمنطق الحكومي الغائب «أن يدفع المواطن ثمن قرارتها الارتجالية والمنفصلة عن الواقع».

مُشرّعة بذلك الأبواب لإتمام سياسة التخلي الرسمي والممنهج بهذه التبريرات، متباهية باستخدامها المفقرين كأداة لإصلاح ما أفسدته سياساتها وتحويل الطاقة إلى عبء معيشي، مدّعية حماية الفئات الضعيفة ودعمها بإفقارها أكثر فأكثر!


دوامة توفير بدائل غير موفّرة!


القرار ضرب بتوازن حياة الأسر السورية كالزلزال، فهي بالكاد تتماسك منذ سنوات، وبدأت رحلة البحث عن بدائل للطاقة تعجز الغالبية الساحقة عن تحمل عبء كلفتها، فمثلاً: منظومة الطاقة الشمسية لا تبدو أرحم من الكهرباء، فكلفة تركيبها وسطياً 15 مليون ل.س للمنزل، من ألواح وبطاريات «ليثيوم»، التي ارتفعت أسعارها في الآونة الأخيرة مع زيادة الطلب عليها وتذبذب سعر صرف الدولار المعتمد عند البيع، كما أنها لا تعد آمنة بمفردها، أما اعتماد مادة المازوت والغاز للاستخدامات المنزلية والتدفئة لا يعد مجدياً خاصة في فصل الشتاء البارد، حيث يتضاعف حجم الاستهلاك، وأسعارها أيضاً مرتفعة ومرهونة بتقلبات سعر الدولار بعد اعتماد سياسة السوق الحر، ناهيك عن حيتان السوق واستغلالهم الفرصة مع كل أزمة لمضاعفة أرباحهم.
فمحاولة تخفيف العبء، أدخلت المواطن في دوامة جديدة من التكاليف.


تداعيات اقتصادية واجتماعية سلبية


رفع أسعار الكهرباء للقطاعات الأخرى كالمصانع والمنشآت التجارية والخدمية وغيرها سينعكس على أسعار السلع والمنتجات، أي إن المواطن يدفع أكثر على أسعار الغذاء والخدمات مع ارتفاع تكاليف التشغيل والإنتاج بالإضافة إلى هامش الربح المضاعف لينال التاجر أو الصناعي وحتى البائع «أوسكار» استغلال كل مناسبة لإرضاء جشعه، فيدفع المواطن الثمن مرة بفاتورة منزله ومرة للسوق وحيتانه، وبالمحصلة هو من سيدفع الفاتورة كاملة!
وقد تشهد بعض الفعاليات توقفاً أو إغلاقاً مما سينعكس سلباً على أصحابها وفقدان مئات العمال وظائفهم، كإغلاق معمل الحجار للنسيج، الذي لم يكن الأول ولن يكون الأخير، خاصة أن قرار رفع أسعار الكهرباء ترافق مع تحديد مواعيد فتح وإغلاق الفعاليات التجارية، مما زاد الطين بِلّة والنتيجة: ساعات تشغيل أقل، أي خسارة في إيرادات المنشأة وبالتالي تخفيض ساعات العمل وفقدان بعض العاملين مصدر رزقهم، والذي يترتب عليه انكماش في السوق المحلي لضعف الطلب، وتراجع القدرة الشرائية أكثر مع محدودية الدخل، ما يهدد الدورة الاقتصادية برمتها.


المواطن المفقر يدفع ثمن «الإصلاح»


بينما تتحدث الحكومة عن «العدالة والاستدامة المالية»، فالواقع يكشف أن الإصلاح جاء على حساب الفئات الأضعف، حيث المواطن، الذي بالكاد يؤمّن قوت يومه، بات اليوم عاجزاً عن دفع فاتورة الكهرباء أو شراء بدائلها.
ومع كل قرار جديد، تتعمق الفجوة بين الدولة والمجتمع، ويزداد شعور المواطنين بأنهم متروكون لمصيرهم أمام جشع السوق وغياب آليات الحماية الاجتماعية.
فليس الإصلاح الحقيقي، أن تجعل المواطن يدفع أكثر، بل أن تجعل النظام يعمل أفضل، فما يحتاجه المواطنون اليوم ليس كهرباء أغلى بل عدالة في تسعيرها وتوزيعها، أي الحصول على منفعة حقيقيّة وخدمة جيدة، لا أن تتحول إلى سلعة مُسعّرة للترفيه والترف!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1252