الزيتون... تراجع الإنتاج يضاعف خسارة المزارع وأعباء المستهلك...!
رهف ونوس رهف ونوس

الزيتون... تراجع الإنتاج يضاعف خسارة المزارع وأعباء المستهلك...!

بدأ موسم قطاف الزيتون الذي طال انتظاره لكنه أتى محملاً بالخيبات والخسارة مع تعدد الأسباب.
كلماتٌ عنونت حال المزارعين مع محاصيلهم كل موسم أياً كان نوع المحصول، فالزيتون لا يختلف عنها على مستوى الخسائر المتوقعة، فتراجع الإنتاج لهذا الموسم يلتهم دخل آلاف الأسر ويحوّل المؤونة إلى «نكبة» للمستهلك المفقر، لتبدأ حلقة جديدة من سلسلة تقليب الحسابات فوق جدول طويل من الاحتياجات المُقلصة أساساً!

نكبة بين المعاومة والجفاف


تراجع الإنتاج يعزى إلى عدة عوامل متداخلة، من المعاومة كأمر طبيعي بين سنة وأخرى إلى الجفاف وقلة الأمطار، التي أثرت بشكل كبير وخاصة على البعلي منها، كذلك ارتفاع درجات الحرارة والحرائق التي التهمت آلاف أشجار الزيتون في الساحل وريف حماة وحمص، ناهيك عن الآفات الزراعية وضعف الخدمات كالتقليم والتسميد.
حيث أوضحت مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة «عبير جوهر»، أن نسبة التراجع تجاوزت 40% عن العام الماضي البالغ 740 ألف طن مقارنة بالعام الحالي والتقديرات الأولية بـ 412 ألف طن، وأكدت أن الإنتاج الأعلى في محافظة حلب 110 آلاف طن.


تفاوت أجور المعاصر


باشرت المعاصر عملها وحددت تسعيرة عصر الكيلوغرام من الزيتون في محافظة درعا بـ 600 ل.س في حال بقي «البيرين» لصاحب المعصرة، و750 ل.س إذا أخذه الفلاح، بينما حُددت في حماة بـ 350 ل.س و«البيرين» للمعصرة، و500 ل.س ويبقى للفلاح.
أما في اللاذقية، اتبعت إحدى المعاصر نظاماً مختلفاً بتقاضي مبلغ 50 ألف ل.س لكل غالون زيت (18 ليتر) بعد العصر، مما يعكس تبايناً في آليات التسعير وغياب الرقابة على التزام المعاصر بالشروط، حيث اشتكى أحد المزارعين من تخفيض مدة بقاء الزيتون في العجلة ورفع درجة الحرارة لتسخينه أكثر من اللازم، مما يفقد الزيت خواصه ويرفع نسبة الأسيد إلى 5%، مقابل 1% فقط المحددة عالمياً، وخسارة نسبة من الزيت في المخلّفات.
ويشار إلى أن هناك تراجعاً في الكميات الواردة من الزيتون إلى المعاصر وشكوى أصحابها من ارتفاع تكاليف التشغيل والصيانة، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود أعداد معاصر تفوق الحاجة في ظل تراجع الإنتاج، فهناك 263 معصرة في محافظة طرطوس وحدها.


من الشجرة إلى المعصرة، تضاعف المعاناة!


وراء كل تنكة زيت عالم خفي من الكُلف، من أجور الفلاحة إلى الري، ومن التقليم والتعشيب والتسميد ورش المبيدات إلى أجور القطف والنقل والعصر، قائمة من الأعباء التي تثقل كاهل المزارع وحده، فعندما يقل الإنتاج توزع كتلة النفقات على كمية أقل، فيرتفع متوسط كلفة الكيلو ويصبح العائد الصافي للمزارع وربحه في مهب الريح، فالمشكلة ليست وفرةً أو شحاً فحسب، بل معادلة تتأثر بكل التفاصيل من الحقل إلى المعصرة.
فمثلاً، دونم واحد ينتج وسطياً 400 كغ من الزيتون، يتطلب فلاحة مرتين خلال الموسم بتكلفة نحو 250 ألف ل.س وتتفاوت حسب سعر المازوت، مع سماد بكلفة 900 ألف ل.س، وهذا ما أكده مزارع، قائلاً: «لم ينتج الدونم أكثر من 200 كغ هذا الموسم، وكيلو الزيتون كلفني 5000 ل.س تقريباً، الخسارة كبيرة!»
وعليه لم يعد الزيت والزيتون يسد الرمق للمزارع، إنما يلتهم مصدر رزق لآلاف العائلات التي لا تملك مردوداً سواه، فماذا عن تعبه وجهده وريع أرضه من موسم إلى آخر، خاصة مع الخسائر التي طالت البعض بالحرائق الأخيرة؟!


أما المستهلك!


الأسعار تبدو متقاربة مع العام الماضي حتى الآن، حيث تراوح سعر تنكة الزيت (16-18ليتراً) بين 1-1,5 مليون ل.س، أما أسعار كيلو الزيتون في السوق فتتراوح بين 12- 20 ألف ل.س حسب النوع والمصدر، لكن القدرة الشرائية للمستهلك في انخفاض مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية ومحدودية الدخل في ظل الغلاء الفاحش، وبالتالي تراجع معدلات الاستهلاك، وتقليص المؤونة إلى النصف أو حتى الاعتماد على الشراء بالكيلو، ليتقلص حضور الزيتون وزيت المائدة رغم أنه أساسي، لكن هذه الفاتورة الكبيرة لا يتحملها المفقرون!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1249