تصدير الفوسفات الخام... العوائد المحدودة والفرص الضخمة للتصنيع
تُعد سورية من الدول الغنية باحتياطيات الفوسفات، وخاصة في مناجم خنيفيس والشرقية، حيث يُصنف الفوسفات السوري ضمن الفوسفات المتوسط الجودة القابل للتسويق عالمياً.
ومع ذلك، ما زال التوجه الأساسي في السنوات الأخيرة قائماً على تصدير الفوسفات الخام عبر مرفأ طرطوس، في حين يطرح خبراء الاقتصاد والصناعة تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية لاستمرار هذا النهج مقارنة بالتحول إلى تصنيع الفوسفات محلياً قبل تصديره كمنتجات نهائية.
الصادرات الحالية للفوسفات الخام
بحسب البيانات المعلنة حتى منتصف عام 2025: تم تصدير نحو 230 ألف طن من الفوسفات الخام عبر مرفأ طرطوس.
متوسط السعر العالمي للفوسفات الخام حالياً يبلغ نحو 150– 160 دولاراً للطن.
بالتالي، فإن العائد الإجمالي للصادرات الحالية يُقدّر بنحو 34– 36 مليون دولار، وهو ما يدخل إلى الخزينة السورية افتراضاً بعد خصم تكاليف الشحن والتشغيل المحلية.
رغم أهمية هذا الإيراد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، فإنه يبقى محدوداً مقارنة بالقيمة الكامنة لهذه الثروة في حال تم تحويلها إلى منتجات مصنعة.
القيمة المضافة إلى التصنيع المحلّي
عند استثمار الفوسفات الخام في إنتاج منتجات مصنعة مثل: (ثنائي فوسفات الأمونيوم- أحادي فوسفات الأمونيوم)، فإن هذه المنتجات تحقق قفزة كبيرة في السعر العالمي.
فمتوسط سعر الطن من الأسمدة الفوسفاتية المركزة حالياً يقارب 700 دولار للطن.
وبناءً على الكميات المصدرة نفسها حالياً (230 ألف طن مكافئ خام) فإن الإيراد الإجمالي بعد التصنيع قد يصل إلى 161 مليون دولار تقريباً.
حتى مع خصم تكاليف التشغيل والطاقة والعمالة، فإن صافي ربح الدولة يمكن أن يصل إلى 100– 120 مليون دولار، أي ما يعادل 3– 4 أضعاف العائد الحالي من تصدير الخام.
ميزات استراتيجية للتصنيع المحلي
القيمة المضافة لا تقتصر على الفارق السعري فحسب، بل تشمل أيضاً:
تشغيل اليد العاملة المحلية، فإنشاء وتشغيل معامل التحويل يخلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
رفع كفاءة الإنتاج، فتطوير خطوط تصنيع محلية يتيح استخدام أحدث تقنيات الفرز والتركيز، ما يحسّن جودة المنتج النهائي ويعزز تنافسيته عالمياً.
تعزيز سلاسل القيمة المحلية، فتحويل الفوسفات إلى أسمدة محلية يمكن أن يغطي احتياجات الزراعة الوطنية ويقلل الاستيراد.
زيادة إيرادات الدولة على المدى الطويل، فاعتماد استراتيجية تصنيعية يحوّل سورية إلى مصدر لمنتجات نهائية، بدلاً من الاكتفاء بدور المورّد للمواد الخام.
التوصية الاستراتيجية الوطنية
تشير كل المؤشرات الاقتصادية إلى أن الاستمرار في تصدير الفوسفات الخام يحد من المكاسب الوطنية ويؤجل تحقيق إمكانيات هذا القطاع الحيوي. وعليه، فإن التحول نحو التصنيع المحلي يجب أن يكون محور استراتيجية الدولة خلال الفترة القادمة.
فالاستثمار في معامل التحويل والصناعات التحويلية للفوسفات سيحقق:
- زيادة العوائد المباشرة للخزينة.
- تعزيز الناتج المحلي الإجمالي عبر توسيع قاعدة الإنتاج.
- خلق فرص عمل وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي.
- وبذلك، تتحقق المصلحة الوطنية العليا عبر استثمار هذه الثروة بما يحقق أقصى فائدة اقتصادية واجتماعية منها، بدل الاكتفاء ببيعها كخامات أولية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1237